للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كتب (ع):

" (يوم القَرّ): بفتح القاف وتشديد الراء: أول أيام التشريق، سُمي به؛ لأنه يستقر الناس فيه بِمِنَى.

وقوله: (أي: فمن نفر إلخ): يعني أن النفر ليس شيئا ممتدا يحصل بانقضاء اليوم الأول وذهاب شاء من الثاني، فليس ظرفية اليومين له على الحقيقة، كما في: "كتبت في يومين".

فالمراد أنه يقع في اليوم الثاني، إلا أن استعداده في اليوم الأول، فجعل اليومين ظرفا له توسعا.

والقول: بأن التقدير: في أحد يومين، إلا أنه مجمل (١)، فسر باليوم الثاني، أو في آخر يومين، خروج عن مذاق النظم. (٢)

وقوله: (بعد رمي الجمار): أي قبل الغروب بناء على ظرفية اليوم له، فما قيل: إن البيان قاصر، فلقصور النظر إلى ما قبله.

وقوله: (وقبل طلوع الفجر): أي من اليوم الثالث، معطوف على

قوله: (في ثاني أيام التشريق)، وعطفه على (بعد) تكلف؛ لأن اليوم الثاني ينقطع عند الليل.

وقوله: (عنده): أي عند أبي حنيفة، أَوْرَدَ الضمير إشارة إلى تعيينه، وأن الذهن لا يذهب إلى غيره عند بيان الاختلاف مع الشافعية؛ لكثرته فيما بينهم.


(١) المجمل: مالم تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ. وَلِلْإِجْمَالِ عدة أَسْبَابٌ:
مِنْهَا الِاشْتِرَاكُ نَحْوَ: {وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: ١٧] فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ.
وَمِنْهَا: الْحَذْفُ نَحْوَ: {وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} [النساء: ١٢٧] يَحْتَمِلُ "فِي" وَ"عَنْ".
وقَدْ يَقَعُ التَّبْيِينُ مُتَّصِلًا نَحْوَ: {مِنَ الْفَجْرِ} بَعْدَ قَوْلِهِ: {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧]، وَمُنْفَصِلًا فِي آيَةٍ أُخْرَى نَحْوَ قَوْلُهُ: {أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: ١] الْآيَةَ، فَسَّرَهُ قَوْلُهُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣]. ينظر: البرهان (٢/ ١٨٤)، الإتقان (٣/ ٥٩).
(٢) ينظر: روح المعاني (١/ ٤٨٩).
وقال الإمام أبو حيان في " البحر المحيط " (٢/ ٣١٩): " قَوْلَهُ: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ}، لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، لِأَنَّ الظَّرْفَ الْمَبْنِيَّ إِذَا عَمِلَ فِيهِ الْفِعْلُ فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْيَوْمَيْنِ، لَوْ قُلْتَ: ضَرَبْتُ زَيْدًا يَوْمَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الضَّرْبِ بِهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْيَوْمَيْنِ، وَهُنَا لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ، لِأَنَّ التَّعْجِيلَ بِالنَّفْرِ لَمْ يَقَعْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْيَوْمَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنَ ارْتِكَابِ مَجَازٌ، إِمَّا بِأَنْ يُجْعَلَ وُقُوعُهُ فِي أَحَدِهِمَا كَأَنَّهُ وُقُوعٌ فِيهِمَا، وَيَصِيرُ نظير: نَسِيا {نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف: ٦١] وَإِنَّمَا النَّاسِي أَحَدُهُمَا. أَوْ بِأَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، التَّقْدِيرُ: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي ثَانِي يَوْمَيْنِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُوفُ فِي: تَمَامِ يَوْمَيْنِ أَوْ إِكْمَالِ يَوْمَيْنِ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَقَعَ التَّعَجُّلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْيَوْمَيْنِ، بَلْ بَعْدَهُمَا."

<<  <   >  >>