للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو عطفٌ على {يَأْتِيَهُمُ} داخل في حيز الانتظار.

وإنما عُدل إلى صيغة الماضي؛ دَلالة على تحققه فكأنه قد كان،

أو جملةٌ مستأنفةٌ جِيءَ بها إنباءً عن وقوع مضمونها.

ــ

واللام: للعهد (١). وهو عطف على {هَلْ يَنظُرُونَ}؛ لأنه خبر معنى. (٢)

{وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} تذييل للتأكيد. كأنه قيل: وإلى الله ترجع الأمور التي من جملتها إهلاكهم. (٣)

وعلى قراءة (قضاء الأمر) عطف على {هَلْ يَنظُرُونَ}، يعني: أنهم لا ينتظرون إلا إتيان العذاب، وأمره إلى الله." (٤) (ع) وهذا غير رأي المفسر. (٥)

(وإنما عدل إلى صيغة إلخ) في (ش):

" واختير الماضي في {قُضِيَ} دون إتيان البأس؛ للاهتمام به." (٦)


(١) يقول الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٥/ ٣٥٨): " وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْمَعْهُودِ السَّابِقِ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ قَدْ جَرَى ذِكْرُ أَمْرٍ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَكُونَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ إِشَارَةً إِلَيْهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا الَّذِي أَضْمَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: {يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} أَيْ: يَأْتِيهِمْ أمر الله."
وزاد الإمام الطاهر بن عاشور احتمالا آخر قائلا: " وَالتَّعْرِيفُ فِي {الْأَمْرُ} إِمَّا لِلْجِنْسِ مُرَادًا مِنْهُ الِاسْتِغْرَاقُ، أَيْ: قُضِيَتِ الْأُمُورُ كُلُّهَا، وَإِمَّا لِلْعَهْدِ، أَيْ: أَمْرُ هَؤُلَاءِ أَيْ عِقَابُهُمْ، أَوِ الْأَمْرُ الْمَعْهُودُ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ وَهُوَ الْجَزَاءُ." التحرير والتنوير (٢/ ٢٨٧).
(٢) ينظر: روح المعاني (١/ ٤٩٣).
وقال صاحب " التحرير والتنوير " (٢/ ٢٨٧): " وَقَوْلُهُ: {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} إِمَّا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ {هَلْ يَنظُرُونَ} إِنَّ كَانَتْ خَبَرًا عَنِ الْمُخْبَرِ عَنْهُمْ، وَالْفِعْلُ الْمَاضِي هَنَا مُرَادٌ مِنْهُ الْمُسْتَقْبَلُ، وَلَكِنَّهُ أَتَى فِيهِ بِالْمَاضِي؛ تَنْبِيهًا عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ أَوْ قُرْبِ وُقُوعِهِ، وَالْمَعْنَى: مَا يَنْتَظِرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ وَسَوْفَ يُقْضَى الْأَمْرُ، وَإِمَّا عَطْفٌ عَلَى جملَة {يَنظُرُونَ} إِن كَانَت جُمْلَةِ {هَلْ يَنظُرُونَ} وَعِيدًا أَوْ وَعْدًا وَالْفِعْلُ كَذَلِكَ لِلِاسْتِقْبَالِ، وَالْمَعْنَى مَا يَتَرَقَّبُونَ إِلَّا مَجِيءَ أَمْرِ اللَّهِ وَقَضَاءِ الْأَمْرِ."
(٣) ينظر: روح المعاني (١/ ٤٩٣)، التحرير والتنوير (٢/ ٢٨٧).
(٤) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٩ / ب - ٣٤٠ / أ).
(٥) حيث قال الإمام أبو السعود في تفسيره (١/ ٢١٣): " وهو عطفٌ على {يَأْتِيَهُمُ} داخل في حيز الانتظار، وإنما عُدل إلى صيغة الماضي؛ دَلالة على تحققه فكأنه قد كان، أو جملةٌ مستأنفةٌ جِيءَ بها؛ إنباءً عن وقوع مضمونها." وهذا هو رأي صاحب الدر المصون (٢/ ٣٦٥).
(٦) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٦). وينظر: البحر المحيط (٢/ ٣٤٥)، الدر المصون (٢/ ٣٦٥)، فتح القدير (١/ ٢٤٢)، روح المعاني (١/ ٤٩٣).
وقال الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٥/ ٣٦١): " {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} مَعْنَاهُ: ويقتضي الْأَمْرَ، وَالتَّقْدِيرُ: إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ وَيَقْضِيَ الْأَمْرَ، فَوَضَعَ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْمُسْتَقْبَلِ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَخُصُوصًا فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّ الْإِخْبَارَ عَنْهَا يَقَعُ كَثِيرًا بِالْمَاضِي، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي} [المائدة: ١١٦]، وَالسَّبَبُ فِي اخْتِيَارِ هَذَا الْمَجَازِ أَمْرَانِ: =

<<  <   >  >>