للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو لكل أحدٍ من أهل الخطابِ.

والمرادُ بالسؤال: تبكيتهم وتقريعهم بذلك، وتقرير لمجيء البينات.

ــ

(أو لكل أحد): " جعل الخطاب لكل من يصلح منه السؤال (١)؛ للدلالة على أنهم يستحقون التقريع (٢) من كل أحد، بكمال جحودهم للحق بعد غاية وضوحه." (٣) (ع)

(وتقريعهم): " أي تقريع بني إسرائيل وتوبيخهم على طغيانهم وجحودهم الحق بعد وضوح الآيات، لا أن يجيبوا فيعلم من جوابهم أمر، كما إذا أراد واحد منا توبيخ أحد يقول لمن حضر: سله: كم أنعمت عليه؟ ! (٤)

وربط الآية بما قبلها: أن الضمير في قوله: {هَلْ يَنظُرُونَ} إن كان لأهل العلم فهو كالدليل عليه، وإن كان لـ {مَن يُعْجِبُكَ} فهو بيان لحال المعاندين من أهل الكتاب، بعد بيان حال المنافقين من أهل الشرك (٥)." (٦) (ع)


(١) ينظر: المحرر الوجيز (١/ ٢٨٤)، فتح القدير (١/ ٢٤٣)، روح المعاني (١/ ٤٩٤).
وقال الإمام أبو حيان في " البحر المحيط " (٢/ ٣٤٧): " الْخِطَابُ فِي اللَّفْظِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُرَادُ: أُمَّتُهُ، أَوْ إِعْلَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ - وَقَوْمَهُ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ شَيْئًا مِنْ قَصَصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَا مَا كَانَ فِيهِمْ مِنَ الْآيَاتِ قبل أن ينزل اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ."
(٢) التَّقْريع: التعنيفُ والتثريبُ، يُقَال: النُّصحُ بَين الملإِ تَقْريعٌ: هُوَ الإيجاعُ باللَّوْم. وقَرَّعَه تَقْريعاً: وَبَّخَه وعَذَلَه. ينظر: مادة قرع: مختار الصحاح (١/ ٢٥١)، تاج العروس (٢١/ ٥٤٩).
(٣) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٠ / أ).
(٤) ينظر: تفسير الوسيط، للواحدي (١/ ٣١٤)، روح المعاني (١/ ٤٩٤)، محاسن التأويل (٢/ ٩٢).
(٥) ينظر: روح المعاني (١/ ٤٩٤).
وقال الإمام أبو حيان في " البحر المحيط " (٢/ ٣٤٧) في ربط الآية بما قبلها: " وَلَمَّا تَقَدَّمَ: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ} [البقرة: ٢١٠]، وَكَانَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ استبطاء حق لهم في الإسلام، وأنهم لا ينتظرون إِلَّا آيَةً عَظِيمَةً تُلْجِئُهُمْ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، جَاءَ هَذَا الْأَمْرُ بِسُؤَالِهِمْ عَمَّا جَاءَتْهُمْ مِنَ الْآيَاتِ الْعَظِيمَةِ، وَلَمْ تَنْفَعْهُمْ تِلْكَ الْآيَاتُ، فَعَدَمُ إِسْلَامِهِمْ مُرَتَّبٌ عَلَى عِنَادِهِمْ وَاسْتِصْحَابِ لَجَاجِهِمْ، وَهَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ سُؤَالًا عَمَّا لَا يَعْلَمُ، إِذْ هُوَ عَالِمٌ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ آتَاهُمُ اللَّهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سُؤَالٌ عَنْ مَعْلُومٍ، فَهُوَ تَقْرِيعٌ وَتَوْبِيخٌ، وَتَقْرِيرٌ لَهُمْ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَأَنَّهَا مَا أَجْدَتْ عِنْدَهُمْ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ} [البقرة: ٢١١]."
(٦) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٠ / أ).

<<  <   >  >>