للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهم يسخرون ممن لا حظ له فيها، أو ممن يطلب غيرها." (١) أهـ

فكتب السعد:

" (أي لا يريدون غيرها) حيث زينت لهم؛ بحيث اقتصرت همتهم عليها، ووفر حظهم منها، فهم يسخرون ممن ليس كذلك، إما من جهة عدم الحظ منها، أو من جهة اهتمامه بغيرها كالمؤمنين.

وفي قوله: (وهم يسخرون) إشارة إلى أن الجملة واقعة في موقع الحال، فلا بد من تقدير المبتدأ؛ ليصح الواو. (٢)


(١) تفسير الكشاف (١/ ٢٥٥).
وينظر: المحرر الوجيز (١/ ٢٨٤)، تفسير القرطبي (٣/ ٢٨)، فتح القدير (١/ ٢٤٤).
وقال الإمام الثعلبي في " الكشف والبيان " (٢/ ١٣١) ما ملخصه: " قال بعضهم: نزلت هذه الآية في مشركي العرب أبي جهل وأصحابه كانوا يتنعّمون بما ينقل لهم في الدنيا ويسخرون من المؤمنين الذين يعزفون عن الدنيا، ويقبلون على الطاعة والعبادة مثل: أبي عمارة وصهيب وعمار وجابر بن عبد الله وأبي عبيدة بن الجراح وبلال وخبّاب وأمثالهم، وهذا معنى رواية الكلبي عن ابن عباس.
وقال مقاتل: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه، وكانوا يتنعمون في الدنيا ويسخرون من ضعفاء المؤمنين وفقراء المهاجرين.
وقال عطاء: نزلت في رؤساء اليهود ووفدهم من بني قريظة والنضير والقينقاع سخروا من فقراء المهاجرين فوعدهم الله أن يعطيهم أموال بني قريظة والنضير بغير قتال أسهل شيء وأيسره."
وينظر: معالم التنزيل (١/ ٢٧٠)، زاد المسير (١/ ١٧٦)، البحر المحيط (٢/ ٣٥٢)، غرائب القرآن (١/ ٥٨٤).
وقال الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٦/ ٣٦٧) بعد ذكره للثلاث طوائف: " وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ نُزُولِهَا في جميعهم."
إلا أن صاحب " التحرير والتنوير" يرى اختصاص الآية بالذين كفروا حيث قال (٢/ ٢٩٤): " وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا: أَهْلَ الْكِتَابِ مِنْ مُعْلِنٍ وَمُنَافِقٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ مُقَاتِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنِ اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ التَّعْبِيرُ عَنْهُمْ بِالَّذِينَ كَفَرُوا؛ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا هُمُ الْمُرَادَ لَقِيلَ: زُيِّنَ لَهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} يُنَاسِبُ حَالَ الْمُشْرِكِينَ، لَا حَالَ أَهْلِ الْكِتَابِ."
(٢) يشترط في الجملة الواقعة حالا أن تَشتملَ على رابط يربطُها بصاحب الحال، إما الواو أو ضمير صاحب الحال أو هما معا.
ولا يصح وقوع الواو مع المضارع المثبت، فإذا جاء من كلامهم ما ظاهره أن جملة الحال المصدرة بمضارع مثبت تلت الواو حمل على أن المضارع خبر لمبتدأ محذوف، من ذلك قولهم: " قمت وأصك عينه "، أي: وأنا أصك. ينظر: أوضح المسالك (٢/ ٢٩٢)، شرح ابن عقيل (٢/ ٢٨١)، شرح الأشموني (٢/ ٣٠).

<<  <   >  >>