والفرق بين "لم ولمّا" من أربعة أوجه: أنّ "لم" للنفي المُطلَقِ، فلا يجب استمرارُ نفيِ مصحوبها إلى الحال، بل يجوز الاستمرار، كقوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣]، ويجوز عَدَمه، ولذلك يصِحُّ أن تقول: "لم أفعل ثمَّ فعلت". وأما "لمّا" فهي للنفي المستغرق جميع أجزاء الزمانِ الماضي، حتى يَتصل بِالحالِ، فإذا قلت: "لما أفعل "، أي: لم أفعل حتى الآن. أن المنفي بـ (لم) لا يتوقَّع حصوله، والمنفيَّ بـ (ِلمّا) مُتوقَّع الحصول، فإذا قلتَ: "لمّا أسافِرْ" فسفركَ مُنتظَرٌ، لذلك إذا أردت إثبات ذلك الفعل تقول: "قد سافرت ". يجوز وقوع "لم" بعد أَداةِ شرط، نحو: "إن لم تجتهد تندم". ولا يجوز وقوع "لمّا" بعدها. يجوز حذفُ مجزومِ "لمَّا"، نحو "قاربت المدينة ولمَّا"، أَي "لما أُدخلْها". ولا يجوز ذلك في مجزوم "لم"، إلا في الضرورة. ينظر: مغني اللبيب (١/ ٣٦٧)، شرح شذور الذهب للجوجري (٢/ ٥٩١)، شرح التصريح (٢/ ٣٩٥)، جامع دروس العربية (٢/ ١٨٤). (١) أي: عطف الإمام أبو السعود جملة (ولم تبتلوا) على جملة (لم يأتكم)؛ من أجل أن تفسر معناها، فليس المراد بالإتيان مجرد المجي والوصول، وإنما المراد به الحصول والإصابة. (٢) الْمَثَل: في اللغة هُوَ: الشَّبَهُ، والمَثَل والِمثْل لغتان: كشبه وَشِبْهٌ، وقد يعبّر بهما أيضا عن: صفة الشيء. نحو قوله: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد: ٣٥]. ويستعار لفظ الْمثل للْحَال كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: ١٧]، أَي حَالهم العجيبة. ويُسمى الْكَلَام السائر فِي النَّاس للتمثيل مثلا؛ لتشابه مضربه بمورده، وعلى هذا الوجه ما ضرب الله - تعالى - من الأمثال، فقال: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: ٢١]. ينظر: المفردات - مادة مثل (١/ ٧٥٩)، الكليات - فصل الميم (١/ ٨٥٢)، زهر الأكم في الأمثال والحكم (١/ ٢٠). (٣) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٩).