(٢) الخلاصة: هناك ثلاثة أقوال في {حَتَّى}: الأول: أنها للغاية، قاله ابن عطية. المحرر الوجيز (١/ ٢٩١). وقال الإمام عبد الحكيم في بحث هذا القول ما معناه: إن التقييد بالغاية الممتنع وقوعها شائع، كما في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: ٤٠]. واعترض: بأن استبعاد وقوع الغاية مما يترتب عليه عدم انقطاع العداوة، وقد أفاده صدر الكلام، والقول بالتأكيد غير أكيد. ثم قال: إنه يمكن حمل (حتى) على الغاية إذا كان المراد بالقتال: معناه الحقيقي - وهو حمل السلاح - وليس معناه الكنائي - وهو العداوة، وحينئذ يكون الشرط - وهو: {إِنِ اسْتَطَاعُوا} - متعلق بـ {لَا يَزَالُونَ}، فيفيد التقييد بالشرط: أن تركهم المقاتلة في بعض الأوقات؛ لعدم استطاعتهم، وهذا معنى غير متداول. الثاني: تحْتَمَلُ الْغَايَةُ، وَتحْتَمَلُ التَّعْلِيلُ، وَعَلَيْهِمَا حَمَّلَهَا أَبُو الْبَقَاءِ. التبيان (١/ ١٧٥). الثالث: أنها للتَّعْلِيل، قاله الزمخشري. الكشاف (١/ ٢٥٩). واختار هذا القول الإمام أبو حيان في " البحر المحيط " (٢/ ٣٩١) حيث قال ما ملخصه: " وَتَخْرِيجُ الزَّمَخْشَرِيِّ أَمْكَنُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ إذ فَرْقٌ فِي الْقُوَّةِ بَيْنَ الْمُقَيَّدِ بِالْغَايَةِ وَالْمُقَيَّدِ بِالْعِلَّةِ؛ لِمَا في التَّقْيِيدِ بِالْعِلَّةِ مِنْ ذِكْرِ الْحَامِلِ وَعَدَمِ ذَلِكَ فِي التَّقْيِيدِ بِالْغَايَةِ." واختاره أيضا الإمام النسفي في "مدارك التنزيل" (١/ ١٨١)، والإمام الآلوسي في "روح المعاني" (١/ ٥٠٤).