وقد نصَّ فقهاءُ الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وابن حزم، وشيخ الإسلام ﵏: على أن المرادَ باليمين الغموس: اليمينُ التي يَحلِفُها على أمر ماضٍ كاذبًا عالِمًا.
ويدخُلُ في ذلك من بابِ أَوْلى: اليمينُ التي يحلفها كاذبًا ليقتطع بها مالَ امرئ مسلِم، أو يظلم غيره، ولا تنعقدُ ولا تجب فيها كفارة؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ﴾ [المَائدة: ٨٩]، وعقدُ اليمين: ما التزم فعلاً مستقبَلاً، يتردد بين حِنْثٍ وبِرّ، فخرجت اليمينُ الغموس من الأيمان المعقودة؛ فلم تَجِبْ فيها كفارة.
الثالث: اليمين المكفَّرة: هي اليمين المنعقِدة التي تجب فيها الكفارة، وهي التي يَحلِفُها على أمرٍ من المستقبل؛ أن يفعله، أو أن لا يفعله، قال ابن هُبَيرة:(وأجمعوا على أن اليمينَ المنعقِدة: هو أن يَحلِفَ على أمرٍ من المستقبل؛ أن يفعله أو لا يفعله، فإذا حَنِثَ، وجَبتْ عليه الكفارةُ).
مسألةٌ: شروط كفارة اليمين:
الشرط الأول: العقلُ؛ فلا تنعقد يمينُ المجنون.
الشرط الثاني: البلوغ؛ فلا تنعقد يمينُ الصغير؛ لحديث عائشةَ ﵂ مرفوعًا:«رُفِعَ القلمُ عن ثلاثٍ: عن النائم حتى يستيقظَ، وعن الصغير حتى يَكبَرَ، وعن المجنون حتى يَعقِلَ أو يُفِيق»؛ رواه أحمد وأبو داود والتِّرمِذي والنَّسَائي إسناده حسن.
الشرط الثالث: الاختيار؛ فلا تنعقد يمين المكره.
وكذا لو أُكرِهَ على الحِنْثِ لم يَحنَثْ؛ لقوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ