للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أن لا يكون في سفَرٍ محرَّم؛ وهذا رأيُ الجمهور؛ ودليلُهم: قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البَقَرَة: ١٧٣].

والرأي الآخَرُ لأبي حنيفةَ، واختيار شيخ الإسلام رحمهم الله تعالى: أنَّ له ذلك؛ وهو الأقربُ؛ لأن الشارع أطلق الإباحة حال الضرورة، وهذا يشمل حال الطاعة وغيرها، وأما الآية: فالمراد بالباغي: من يبغي الحرام مع قدرته على الحلال، وبالعادي: الذي يأكل أكثر من حاجته.

٤ - أن لا تندفع حاجتُهُ إلا بهذا المحرَّمِ.

مسألةٌ: إذا اضطُرَّ إلى مال الغير، فهذا ينقسمُ إلى قسمين:

القسم الأول: أن يُضطَرَّ إلى عينِ مال الغير؛ مثل: أن يضطرَّ إلى أكلِ خبزِ زيد؛ وهذا القسمُ لا يخلو:

أ-أن يكون صاحبُهُ مضطرًّا إليه، فقيل: لا يجوز للمالك بَذْلُهُ لغيره وهو مضطرٌّ، واختار ابن القيِّمِ: جوازَ ذلك، وأنه غايةُ الجُود والسَّخاء؛ والدليل: قوله تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحَشر: ٩].

ب-أن يكون صاحبُهُ غيرَ مضطر؛ فيجب عليه أن يبذُلَه له.

فرع: إذا اضطر إلى أكل مال غيره جاز له الأكل منه ولو بلا إذن؛ دفعًا للضرورة، وهل عليه ضمانٌ إذا أكل؟

ذهب الجمهورُ: إلى أن عليه الضمان.

وعند المالكية: إذا أكل ما يسُدُّ رمَقَهُ، لا ضمانَ عليه.

واختار شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: أنه يُفرَّقُ بين الغني فيضمن، والفقير فلا يضمن؛ وهذا هو الأقرب.

<<  <   >  >>