ولقول ابن عبَّاسٍ ﵄:«أربعٌ لا يجُزْنَ في بيعٍ ولا نكاح: المجنونة، والمجذومة، والبَرْصاء، والعَفْلاء»؛ رواه البَيْهَقي، وقال البيهقي في الخلافيات:(وهو صحيح عن ابن عباس، ولا يصح عن أحد من الصحابة خلاف ذلك).
ولما ورد عن علي ﵁؛ أنه قال:«أيُّما رجلٍ تزوج امرأة مجنونة، أو جَذْماء، أو بها برَصٌ، أو قَرَنٌ: فهي امرأته؛ إن شاء أمسك، وإن شاء طلَّق»؛ رواه البَيْهَقي، والدارَقُطْني، وإسناده صحيح.
قال ابن القيِّمِ:(والقياس: أن كل عيبٍ يَنفِرُ الزَّوجُ الآخر منه، ولا يحصل به مقصودُ النِّكاح؛ من الرحمة والمودة: يوجب الخيارَ، وهو أَوْلى من البيع، كما أن الشروطَ المشترَطة في النِّكاح أولى بالوفاء من شروط البيع، وما ألزم اللهُ ورسوله مغرورًا قط ولا مغبونًا بما غُرَّ به وغُبِنَ به، ومَن تدبَّر مقاصد الشرع في مصادره وموارده، وعدله وحكمته، وما اشتمل عليه من المصالح: لم يخفَ عليه رجحانُ هذا القول، وقُرْبُهُ مِنْ قواعد الشريعة).
فرع: اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في عيوب الزَّوجين، هل هي محدودة أو معدودة؟
ذهب جمهور أهل العلم: أنها معدودة، فيعدِّدونها، وعلَّل الجمهور بعِلَل ترجع إلى أن هذا المرضَ مانعٌ من الجماع، وكمال الاستمتاع، أو لأنه مُعْدٍ، أو لأنه منفِّرٌ لا يستطاع الصبرُ عليه، أو أن الأثر ورد بهذه العيوب فقط.
وعن محمد بن الحسن، والزُّهْري، وشُرَيح، وأبي ثَوْرٍ، وبه قال شيخُ الإسلام، وابن القيِّمِ: أنها محدودة ومضبوطة بضابط.