وَهُوَ مِثْلُ بَيْعِ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ. والتَّغْرير: حَمْلُ النَّفْسِ عَلَى الغَرَرِ، وَقَدْ غرَّرَ بِنَفْسِهِ تَغْرِيراً وتَغِرّة كَمَا يُقَالُ حَلَّل تَحْلِيلًا وتَحِلَّة وعَلّل تَعِليلًا وتَعِلّة، وَقِيلَ: بَيْعُ الغَررِ المنهيُّ عَنْهُ مَا كَانَ لَهُ ظاهرٌ يَغُرُّ الْمُشْتَرِيَ وباطنٌ مَجْهُولٌ، يُقَالُ: إِياك وبيعَ الغَرَرِ؛ قَالَ: بَيْعُ الغَرَر أَن يَكُونَ عَلَى غَيْرِ عُهْدة وَلَا ثِقَة. قَالَ الأَزهري: وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الغَرَرِ البُيوعُ الْمَجْهُولَةُ الَّتِي لَا يُحيط بكُنْهِها المتبايِعان حَتَّى تَكُونَ مَعْلُومَةً. وَفِي حَدِيثِ
مُطَرِّفٍ: إِن لِي نَفْسًا وَاحِدَةً وإِني أَكْرهُ أَن أُغَرِّرَ بِهَا
أَي أَحملها عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ، قَالَ: وَبِهِ سُمِّيَ الشَّيْطَانُ غَرُوراً لأَنه يَحْمِلُ الإِنسان عَلَى مَحابِّه ووراءَ ذَلِكَ مَا يَسوءه، كَفَانَا اللَّهُ فِتْنَتَهُ. وَفِي حَدِيثُ الدُّعَاءِ:
وتَعاطِي مَا نُهِيتَ عَنْهُ تَغْريراً
أَي مُخاطرةً وَغَفْلَةً عَنْ عاقِبة أَمره. وَفِي الْحَدِيثِ:
لأَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا أُقاتلَ أَحَبُّ إِليّ مِنْ أَن أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الأَية
؛ يُرِيدُ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، وَقَوْلَهُ: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً؛ الْمَعْنَى أَن أُخاطِرَ بِتَرْكِي مُقْتَضَى الأَمر بالأُولى أَحَبُّ إِليّ مِن أَن أُخاطِرَ بِالدُّخُولِ تَحْتَ الْآيَةِ الأُخرى. والغُرَّة، بِالضَّمِّ: بَيَاضٌ فِي الْجَبْهَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ؛ فَرَسٌ أَغَرُّ وغَرّاء، وَقِيلَ: الأَغَرُّ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي غُرّتُه أَكبر مِنَ الدِّرْهَمِ، قَدْ وَسَطَت جبهَته وَلَمْ تُصِب وَاحِدَةً مِنَ الْعَيْنَيْنِ وَلَمْ تَمِلْ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الخدّينِ وَلَمْ تَسِلْ سُفْلًا، وَهِيَ أَفشى مِنَ القُرْحة، والقُرْحة قَدْرُ الدِّرْهَمِ فَمَا دُونَهُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ يُقَالُ للأَغَرّ أَغَرُّ أَقْرَح لأَنك إِذا قُلْتَ أَغَرُّ فَلَا بُدَّ مِنْ أَن تَصِف الغُرَّة بِالطُّولِ والعِرَض والصِّغَر والعِظَم وَالدِّقَّةِ، وَكُلُّهُنَّ غُرَر، فَالْغُرَّةُ جَامِعَةٌ لَهُنَّ لأَنه يُقَالُ أَغرُّ أَقْرَح، وأَغَرُّ مُشَمْرَخُ الغُرّة، وأَغَرُّ شادخُ الغُرّة، فالأَغَرُّ لَيْسَ بِضَرْبٍ وَاحِدٍ بَلْ هُوَ جِنْسٌ جَامِعٌ لأَنواع مِنْ قُرْحة وشِمْراخ وَنَحْوِهِمَا. وغُرّةُ الفرسِ: البياضُ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَوَّرة فَهِيَ وَتِيرة، وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً فَهِيَ شادِخةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الغُرّة نَفْسُ القَدْر الَّذِي يَشْغَله الْبَيَاضُ مِنَ الْوَجْهِ لَا أَنه الْبَيَاضُ. والغُرْغُرة، بِالضَّمِّ: غُرَّة الْفَرَسِ. وَرَجُلٌ غُرغُرة أَيضاً: شَرِيفٌ. وَيُقَالُ بِمَ غُرّرَ فرسُك؟ فَيَقُولُ صَاحِبُهُ: بشادِخةٍ أَو بوَتِيرةٍ أَو بِيَعْسوبٍ. ابْنُ الأَعرابي: فَرَسٌ أَغَرُّ، وَبِهِ غَرَرٌ، وَقَدْ غَرّ يَغَرُّ غَرَراً، وَجَمَلٌ أَغَرُّ وَفِيهِ غَرَرٌ وغُرور. والأَغَرُّ: الأَبيض مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَدْ غَرَّ وجهُه يَغَرُّ، بِالْفَتْحِ، غَرَراً وغُرّةً وغَرارةً: صَارَ ذَا غُرّة أَو ابيضَّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وفكَّ مَرَّةً الإِدغام ليُري أَن غَرَّ فَعِل فَقَالَ غَرِرْتَ غُرّة، فأَنت أَغَرُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن غُرّة لَيْسَ بِمَصْدَرٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه ابْنُ الأَعرابي هَاهُنَا، إِنما هُوَ اسْمٌ وإِنما كَانَ حُكْمُهُ أَن يَقُولَ غَرِرْت غَرَراً، قَالَ: عَلَى أَني لَا أُشاحُّ ابنَ الأَعرابي فِي مِثْلِ هَذَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: اقْتُلوا الكلبَ الأَسْودَ ذَا الغُرّتين
؛ الغُرّتان: النُّكْتتان البَيْضاوانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ. وَرَجُلٌ أَغَرُّ: كَرِيمُ الأَفعال وَاضِحُهَا، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَرَجُلٌ أَغَرُّ الْوَجْهِ إِذَا كَانَ أَبيض الْوَجْهِ مِنْ قَوْمٍ غُرٍّ وغُرّان؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَمْدَحُ قَوْمًا:
ثِيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ، ... وأَوجُهُهم بِيضُ المَسافِر غُرّانُ
وَقَالَ أَيضاً:
أُولئكَ قَوْمي بَهالِيلُ غُرّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute