:
إِنَّ لَنَا شَيْخَيْنِ لَا يَنْفَعانِنَا ... غَنِيَّيْن، لَا يُجْدِي عَلَيْنَا غِناهُما
هُمَا سَيِّدَانا يَزْعُمانِ، وإِنما ... يَسُودَانِنا أَنْ يَسَّرْتْ غَنَماهما
أَي لَيْسَ فِيهِمَا مِنَ السِّيَادَةِ إِلا كَوْنُهُمَا قَدْ يَسَّرَتْ غَنِمَاهُمَا، والسُّودَدَ يُوجِبُ البذلَ وَالْعَطَاءَ والحِراسَة وَالْحِمَايَةَ وَحُسْنَ التَّدْبِيرِ وَالْحُلْمَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ رَجُلٌ مُيَسِّرٌ، بِكَسْرِ السِّينِ، وَهُوَ خِلَافُ المُجَنِّب. ابْنُ سِيدَهْ: ويَسَّرَتِ الإِبلُ كَثُرَ لَبَنُهَا كَمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْغَنَمِ. واليُسْرُ واليَسارُ والمَيْسَرَةُ والمَيْسُرَةُ، كُلُّهُ: السُّهولة والغِنى؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَتِ المَيْسُرَةُ عَلَى الْفِعْلِ وَلَكِنَّهَا كالمَسْرُبة والمَشْرُبَة فِي أَنهما لَيْسَتَا عَلَى الْفِعْلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ
؛ قال ابْنُ جِنِّي: قِرَاءَةُ مُجَاهِدٍ:
فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسُرهِ
، قَالَ: هُوَ مِنْ بَابِ مَعْوُنٍ ومَكْرُمٍ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ الْهَاءِ. والمَيْسَرَةُ والمَيْسُرَةُ: السَّعَة وَالْغِنَى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وقرأَ بَعْضُهُمْ
فَنَظْرَةٌ إِلى مَيْسُرِهِ
، بالإِضافة؛ قَالَ الأَخفش: وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعُلٌ، بِغَيْرِ الْهَاءِ، وأَما مَكْرُمٌ ومَعْوُن فَهُمَا جَمْعُ مَكْرُمَةٍ ومَعُونَةٍ. وأَيْسَرَ الرجلُ إِيساراً ويُسْراً؛ عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ: صَارَ ذَا يَسارٍ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَن اليُسْرَ الِاسْمُ والإِيْسار الْمَصْدَرُ. ورجلٌ مُوسِرٌ، وَالْجَمْعُ مَياسِيرُ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وإِنما ذَكَرْنَا مِثْلَ هَذَا الْجَمْعِ لأَن حُكْمَ مِثْلِ هَذَا أَن يُجْمَعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الْمُذَكَّرِ وبالأَلف وَالتَّاءِ فِي الْمُؤَنَّثِ. واليُسْر: ضِدُّ العُسْرِ، وَكَذَلِكَ اليُسُرُ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ. التَّهْذِيبُ: واليَسَرُ والياسِرُ مِنَ الْغِنَى والسَّعَة، وَلَا يُقَالُ يَسارٌ. الْجَوْهَرِيُّ: اليَسار واليَسارة الغِنى. غَيْرُهُ: وَقَدْ أَيْسَر الرَّجُلُ أَي اسْتَغْنَى يُوسِرُ، صَارَتِ الْيَاءُ وَاوًا لِسُكُونِهَا وَضَمَّةِ مَا قَبْلَهَا؛ وَقَالَ:
لَيْسَ تَخْفَى يَسارَتي قَدْرَ يومٍ ... وَلَقَدْ يُخْفي شِيمَتي إِعْسارِي
وَيُقَالُ: أَنْظِرْني حَتَّى يَسارِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ لأَنه مَعْدُولٌ عَنِ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ المَيْسَرَةُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
فقلتُ امْكُثي حَتَّى يَسارِ لَعَلَّنا ... نَحُجُّ مَعًا، قالتْ: أَعاماً وقابِلَه؟
وتَيَسَّر لِفُلَانٍ الخروجُ واسْتَيْسَرَ لَهُ بِمَعْنَى أَي تهيأَ. ابْنُ سِيدَهْ: وتَيَسَّر الشَّيْءُ واسْتَيْسَر تَسَهَّل. وَيُقَالُ: أَخذ مَا تَيَسَّر وَمَا اسْتَيْسَر، وَهُوَ ضِدُّ مَا تَعَسَّر والْتَوَى. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
ويَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِن اسْتَيْسَرتا لَهُ أَو عِشْرِينَ دِرْهَمًا
؛ اسْتَيْسَرَ اسْتَفْعَلَ مِنَ اليُسْرِ، أَي مَا تَيَسَّرَ وسَهُلَ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الشاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ أَصل فِي نَفْسِهِ وَلَيْسَ بِبَدَلٍ فَجَرَى مَجْرَى تَعْدِيلِ الْقِيمَةِ لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ فِي الأَزمنة والأَمكنة، وإِنما هُوَ تَعْوِيضٌ شَرْعِيٌّ كالغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ والصَّاع فِي المُصَرَّاةِ، والسِّرُّ فِيهِ أَن الصَّدَقَةَ كَانَتْ تُؤْخَذُ فِي الْبَرَارِي وَعَلَى الْمِيَاهِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ سُوقٌ وَلَا يُرى مُقَوِّمٌ يُرْجِعُ إِليه، فَحَسُنَ فِي الشَّرْعِ أَن يُقَدَّر شَيْءٌ يَقْطَعُ النِّزَاعَ وَالتَّشَاجُرَ. أَبو زَيْدٍ: تَيَسَّر النَّهَارُ تَيَسُّراً إِذا بَرَدَ. وَيُقَالُ: أَيْسِرْ أَخاك أَي نَفِّسْ عَلَيْهِ فِي الطَّلَبِ وَلَا تُعْسِرْهُ أَي لَا تُشَدِّدْ عَلَيْهِ وَلَا تُضَيِّقْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ*
؛ قِيلَ: مَا تَيَسَّر مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ وَالشَّاءِ، وَقِيلَ: مِنْ بَعِيرٍ أَو بَقَرَةٍ أَو شَاةٍ. ويَسَّرَه هُوَ: سَهَّله، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: يَسَّرَه ووَسَّعَ عَلَيْهِ وسَهَّلَ. وَالتَّيْسِيرُ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ