ويحتاج كل واحد منهم أيضاً إلى العفة، ونزاهة النفس، وحسن المعاملة للناس، ولين الجانب، وسماحة الأخلاق، والنصيحة لمخدومه فيما يقلده إياه، ويعصبه به. ثم يحتاج كل واحد منهم بعد ما ذكرناه إلى أمور تخصه، لا يحتاج إليها غيره.
ونحن نذكر ذلك بأوجز قول، وأقرب بيان إن شاء الله تعالى. وإنما نذكر مراتب الكتاب على ما كانت عليه في القديم. وأما اليوم فقد تغيرت عن رسمها المعلوم. ولكل دهر دولة ورجال، ولكل حال إدبار وإقبال.
[كاتب الخط]
لا يخلو كاتب الخط. أن يكون وراقاً ومحرراً. وهما موضوعان لنقل الألفاظ وتصويرها، ويحتاجان إلى أن يجمعا مع حلاوة الخط وقوته، وسواد المداد وجودته، تفقد القلم، وإصلاح قطته، وجودة التقدير. والعلم بمواقع الفصول.
ويحتاج المحرر، إلى إطالة سن القلم، وألا يلح عليه بالنحت، ولا على شحمته، لأن ذلك أقوى لخطه، وكذلك حكم سائر ما يكتب بالمداد غير الحبر. فأما ما يكتب بالحبر، فيخاف على الشحم فيه أن يقل ما يحمل من الحبر.
ويحتاج الوراق إلى تحريف قطة قلمه ويجعلها المحرر بين التحريف والاستواء فإن ذلك أحسن لحظة.
وكلما كان اعتماد الكاتب وراقاً كان أو محرراً على سن قلمه الأيمن، كان أقوى لخطه، وأبهى له.