هذا الباب أجاز فيه ابن قتيبة أشياء كثيرة، منع منها فيما تقدم من كتابه، قد ذكرناها في مواضعها.
وذكر في هذا الباب:"هرقت الماء وأهرقته". وهذا الذي قاله قد قاله بعض اللغويين ممن لا يحسن التصريف، وتوهم أن هذه الهاء في هذه الكلمة أصل، وهو غلط، والصحيح أن هرقت وأهرقت فعلان رباعيان معتلان، أصلهما: أرقت، فمن قال هرقت، فالهاء عنده بدل من همزة أفعلت، كما قالوا: أرحت الماشية وهرحتها، وأنرت الثوب وهترته، ومن قال أهرقت، فالهاء عنده عوض من ذهاب حركة عين الفعل عنها، ونقلها إلى الفاء، لأن الأصل أريقت، أو أروقت، بالياء أو بالواو، على الاختلاف في ذلك، ثم نقلت حركة الواو أو الياء إلى الراء، فانقلبت حركة العلة ألفاً، لانفتاح ما قبله، ثم حذف لسكونه وسون القاف. والساقط من أرقت يحتمل أن يكون واواً، فيكون مشتقاً من راق الشيء يروق، ويحتمل أن يكون ياء، لأن الكسائي حكى راق الماء يريق: إذا انصب، والدليل على أن الهاء في هرقت وأهرقت ليست فاء الفعل، على ما توهم من ظنها كذلك، أنها لو كانت كذلك للزم أن يجري هرقت في تصريفه مجرى ضربت. فيقال: هرقت أهرق، كما تقول: ضربت أضرب ضرباً، أو مجرى غيره من الأفعال الثلاثية