ويختار للوراق ألا يكتب في الجلود والرق بالحبر المثلث، فإنه قليل الليث فيها، سريع الزوال عنها. وأن يكتب فيها بالحبر المبطوخ، وفي الرق بما أحب. ويختار للمحرر، أن يكتب عن السلطان في أنصاف الطوابير. وفي الأدراج العريضة، وعن نفسه وسائر الناس فيما أحب، بعد أن يكون ذلك ألطف مقداراً من مقادير كتب السلطان ووزارته.
ومعنى قولنا جودة التقدير، أن يكون ما يفضله من البياض في القرطاس أو الكاغد عن يمين الكتاب وشماله، وأعلاه وأسفله، على نسب معتدلة. وأن تكون رؤوس السطور وأواخرها متساوية. فإنه متى خرج عن بعض قبحت وفسدت. وأن يكون تباعد ما بين السطور على نسبة واحدة، إلى أن يأتي فصل، فيزاد في ذلك.
والفصل إنما يكون بين تمام الكلام الذي يبدأ به، واستئناف كلام غيره، وسعة الفصول وضيقها على مقدار تناسب الكلام. فإن كان القول المستأنف مشاكلاً للقول الأول، أو متعلقاً بمعنى منه، جعل الفصل صغيراً. وإن كان مبايناً له بالكلية، جعل الفصل أكبر من ذلك. فأما الفصل قبل تمام القول، فهو من أعيب العيوب على الكاتب والوراق جميعاً. وترك الفصول عند تمام الكلام عيب أيضاً، إلا أنه دون الأول.
المترسل كاتب اللفظ
وأما كاتب اللفظ، وهو المترسل، فيتحاج إلى الاستكثار من حفظ الرسائل والخطب، والأمثال والأخبار والأشعار، ومن حفظ عيون الحديث يدخلها في تضاعيف سطوره متمثلاً إذا كتب. ويصل بها كلامه إذا حاور.