وأما كاتب الشرطة فينبغي له أن يعلم أن صاحبه إنما وضع لشيئين: أحدهما معونة الحكام وأصحاب المظالم والدواوين، في حبس من أمروه بحبسه، وإطلاق من أمروه بإطلاقه. وإشخاص من كاتبوه بإشخاصه. وإخراج الأيدي مما خلت فيه وإقرارها، ولذلك جعل له اسم المعونة.
والثاني: النظر في أمور الجنايات، وإقامة الحدود على من وجبت والعقوبات، والفحص عن أهل الريب والمنكرات، وتعزير من وجب تعزيره، وإقامة الحدود على من وجبت إقامتها عليه، من اللصوص ونحوهم. وإنما اشتق له اسم الشرطة، من زيه. وكان من زي أصحاب الشرطة، نصب الأعلام على مجالس الشرطة، والأشراط هي الأعلام. ومنه قيل أشراط الساعة: أي علاماتها ودلائلها. ومنه سمى الشرط شرطاً، لأن لهم زياً يعرفون به. فينبغي لكاتب الشرطة أن يكون له علم بالحدود والواجبات، والجروح والديات، وحكم العمد، وحكم الخطأ، وسائر أصناف الحكومات، ومن ينبغي أن يعاقب في الزلات، ومن تدرأ عنه الحدود بالشبهات وتقال عثرته من ذوي المناصب والهيئات، ونحو ذلك.