وكانوا يؤرخون بعام الفيل والفجار، وبناء الكعبة. وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل. وبين عام الفيل والفجار عشرون سنة. وسمى الفجار لأنهم فجروا فيه، وأحلوا أشياء كانوا يحرمونها. وبين الفجار وبناء الكعبة خمس عشرة سنة. وبين بناء الكعبة ومبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمس سنين.
وكانت الفرس تؤرخ بالوقت الذي جمعهم فيه أردشير ملك فارس، بعد أن كانوا طوائف.
ولم يكن في صدر الإسلام تاريخ إلى أن ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فافتح بلاد العجم، ودون الدواوين، وجنى الخراج، وأعطى الأعطية: فقيل له: ألا تؤرخ؟ فقال: وما التاريخ؟ فقيل له: شيء كانت تعمله الأعاجم، يكتبوب في شهر كذا من سنة كذا. فقال عمر: هذا حسن، فأرخوا. فقال قوم: نبدأ بالتاريخ من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال قوم: بل من وفاته. وقال قوم: بل من الهجرة. ثم أجمعوا على الابتداء بالتاريخ من الهجرة. ثم قالوا: بأي الشهور نبدأ؟ فقال بعضهم: نبدأ من رمضان. وقال بعضهم من المحرم، لأنه وقت منصرف الناس من حجهم. وكانت الهجرة في شهر ربيع الأول. وكان مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت منه. فقدم التاريخ على الهجرة بشهرين واثنتي عشرة ليلة، وجعل من المحرم.