أن الملوك كانوا أجدر الناس في النظر في العلوم لسعة أحوالهم، وهم أزهد الناس فيها، قد جعلوا أموالهم وقفا على نفوسهم، لا يصرفونها إلا فيما يأكلون ويشربون ويركبون وينكحون، لا فضل فيها لغير ذلك.
وقوله:(والجاه الذي هو زكاة الشرف يباع بيع الخلق): يريد أنه مبتذل يناله كل من يريده. والخلق للواحد والاثنين والجمع، والمذكر والمؤنث بلفظ واحد، لأنه يجرى مجرى المصادر. وقد يثنى ويجمع، فيقال: ثياب أخلاق، لأنه يوصف به فيجرى مجرى الأسماء وقد قالوا: ثوب أخلاق، فوصفوا به الواحد. قال الكسائي: أرادوا أن نواحيه أخلاق، فلذلك جمع. قال الراجز
جاء الشتاء وقميصي أخلاق ... شراذم يضحك منها التواق
والتواق: ابنه.
وقوله:(وآضت المروءات): أي رجعت. ومنه قيل: فعل ذلك أيضاً أي فعله عوداً.
وقد اختلف الناس في حقيقة المروءة ما هي؟ وحقيقتها أنها الخصال الجميلة التي يكمل بها المرء، كما يقال: الإنسانية: يراد بها الخصال التي يكمل بها الإنسان. وإلى هذا ذهب أبو بكر ابن القوطية.