والذي قاله المهدي معروف في الغريب، ولكن ليس هذا موضعه.
(قال المفسر:) يذهب قوم إلى أن المراد: بالصياح في بيت الفرزدق الذي ذكرناه، انصداع الفجر، يجعلونه، من قولهم انصاح الثوب انصياحاً: إذا تشقق. قال أوس بن حجر، ويروي لعبيد بن الأبرص:
وأمست الأرض والقيعان مثرية ... ما بين مرتتق منها ومنصاح
وقوم يجعلونه الصياح بعينه الذي هو الدعاء. وهذا هو الصحيح، وإنما الصياح هاهنا: مجاز، أو استعارة، لأن النهار لما كان آخذ في الإقبال، وكان الليل آخذ في الإدبار، شبه النهار بالهازم، الذي من شأنه أن يصيح على المهزوم. ولذل شبهوا الليل بالقتيل، وقد صرح الشماخ بهذا المعنى في قوله:
ولاقت بأرجاء البسيطة ساطعاً ... من الصبح لما صاح بالليل بقرا
وقد أكثر المحدثون من الشعراء في هذا المعنى. ومن مليح ما في ذلك قول المتنبي: