المفسر): قد قيل إن الخضم: أكل الرطب، وأن أكل اليابس.
وذكر ابن جني - رحمه الله- أن العرب اختصت اليابس بالقاف. والرطب بالخاء، لأن في القاف شدة، وفي الخاء رخاوة، وذكر أشياء من هذا النحو مما حاكت فيه العرب المعاني بالألفاظ.
ولعمري إن العرب ربما حاكت المعنى باللفظ الذي هو عبارة عنه في بعض المواضع، ويوجد ذلك تارة في صفة الكلمة، وتارة في إعرابها. فأما في الصفة فقولهم للعظيم اللحية: لحياني. وكان القياس أن يقول: لحيي. وللعظيم الرقبة: رقباني. والقياس رقبي. وللعظيم الجمة: جماني. والقياس جمي. فزادوا في الألفاظ على ما كان ينبغي أن يكون عليه، كما زادت المعاني الواقعة على نظائرها. وكذلك يقولون: صر الجندب: إذا صوت صوتاً لا تكرير فيه. فإذا كرر الصوت قالوا: صرصر.
وأما محاكاتهم المعاني بإعراب الكلمة دون صيغها، فإنا وجدناهم يقولون: صعد زيد الجبل، وضرب زيد بكراً. فيرفعون اللف، كما ارتفع المعنى الواقع تحته، ولكن هذا قياس غير مطرد. ألا تراهم قالوا: أسد وعنكبوت، فجعلوا اللفظين مخالفين للمعنيين. وقالوا: زيد مضروب، فرفعوه لفظاً، وهو منصوب معنى.
وقالوا: مات زيد، وأمات الله زيداً، وأحدهما فاعل على الحقيقة،