للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأسماء المتمكنة حروفاً في كتابه، فقال حين تكلم على بناء الفعل الماضي: وإنما لم يسكنوا آخر هذه الحروف، لأن فيها بعض ما في المضارعة تقول: هذا رجل ضربنا فتصف به النكرة. وتقول: إن فعلت، فعلت، فتكون في موضع إن تفعل أفعل.

وقال في باب ما جرى مجرى الفاعل الذي يتعدى فعله إلى مفعولين في اللف لا في المعنى: وأما قوله تعالى جده (فبما نقضهم ميثاقهم) فإنما جاء لأنه ليس (لما) معنى سوى ما كان قبل أن تجيء به إلا التوكيد، فمن ثم جاز ذلك، إذ لم ترد به أكثر من هذا، وكانا حرفين، أحدهما في الآخر عامل. ولو كان اسما أو ظرفا أو فعلاً، لم يجز يريد بالحرفين: الباء والخفض.

فالجواب: أنه لا يمتنع أن تسمى الأقسام الثلاثة التي يدور عليها الكلام حروفاً. وإنما جاز ذلك لأنها لما كانت محيطة بالكلام، صارت كحدود الشيء الحاصرة له، المحيطة به. والشيء إنما يتحدد بأطرافه ونواحيه التي هي حروف له. فجاز أن تسمى الكلم الثلاث حروفاً لهذا المعنى. وكلام ابن قتيبة لا يسوغ فيه هذا التأويل، لأنه قال: باب الحروف التي تأتي للمعاني. والنحويون لا يسمون حرف معنى إلا الأدوات الداخلة على الأسماء والأفعال المبينة لأحوالها، المتعاقبة عليها. فلذلك تأولنا كلامه على الوجه الأول، ولم نتأوله على الوجه الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>