وكان الفارسي يقول: إنه معرفة بلام مقدرة فيه غير اللام الظاهرة، وأنه بنى لتضمنه معنى اللام، كما بنى أمس.
وكان الفراء يزعم أنه في الأصل فعل ماض من قولك: آن الشيء يثين، أدخلت عليه الألف واللام، وترك على فتحه محكياً، كما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قيل وقال. فأدخل حرف الجر على الفعلين الماضيين وحكاهما.
وقرأت في بعض ما يحكى عن الفارسي، ولم أقف على صحته، أنه قال: الصواب: (والآن حد الزمانين) بالرفع. واعتل لذلك بأن العلة التي أوجبت بناءه، إنما عرضت له وهو مشار به إلى الزمان الحاضر. فإذا قال:(والآن حد الزمانين) فليس يشير به إلى زمان، إنما يخبر عنه. فوجب أن يعرب، إذ قد فارق حاله التي استحق فيها البناء.
وهذا وإن كان كما قال، فليس يمتنع أن يترك مفتوحاً، كما كان على وجه الحكاية. كما تقول:(من): حرف خفض. وقام: فعل ماض، فتتركهما مبنيين على حالهما، وإن كانا قد فارقا باب الحروف والأفعال وخرجا إلى باب الأسماء.
وكذلك ذهب الأخفش في قوله تعالى {لَقْد تَقطَّع بيْنكُمْ} إلى أنه في موضع رفع بتقطع. ولكنه لما جرى منصوباً في الكلام تركه على حاله