للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظهر. وجعل نفسه مضطلعة بذلك، كاضطلاع الحامل بحمله. وكذلك قولهم: كان ذلك على عهد كسرى: إنما استعملت فيه (على)، لأنه إذا كان في عهده، فقد صار العهد متحملاً له، والشيء المتحمل في الأمور المحسوسة، من شأنه أن يكون عالياً على حامله.

ونبين ذلك - وإن كان ما قدمناه يغني عنه نحو قولهم اتصل بي هذا الأمر على لسان فلان. وقوله تعالى: (أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم) أي على لسانه. وقولهم: تقلدت الأمر. ويقول المتضمن للشيء المتكفل به. هذا الأمر في عنقي وعلى أن أقوم به وهذا المعنى أراد الشاعر بقوله:

إن لي حاجة إليك فقالت ... بين أذني وعاتقي ما تريد

ومن ظريف هذا الباب قول ابن الرقيات.

ألا طرقت من آل بثنة طارقه ... على انها معشوقة الدل عاشقه

وأبين ما فيه: أن تكون (عاشقة) صفة لطارقة، على معنى التقديم والتأخير، كأنه قال: طارقة عاشقة، على أنها معشوقة. وذلك أن من شأن المعشوق أن يُعرض عن عاشقه ويهجره، فيريد أن هذه الطارقة لا يمنعها معرفتها بعشق محبها لها أن تعشقه، فهو من باب قولهم: زرته على مرضي، وأكرمته على أنه أهانني.

فقس ما يرد عليك من هذا الباب على هذه الأمثلة، فإنك تجده غير خارج عما وضعت عليه هذه اللفظة من معنى الإشراف: حقيقة ومجازاً، إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>