وهذا الكلام الذي درى بين معاوية والأحنف يسمى التعريض، لأن كل واحد منهما عرض لصاحبه بما تسب به قبيلته، من غير تصريح. ونظيره ما يحكى أن رجلاً من بني نمير زار رجلاً من بني فقعس، فقال له الفقعسي: مالك لا تزورنا؟ فقال له النميري: والله إني لآتيك زائراً مراراً كثيرة. ولكني أجد على بابك شيئاً قذرا، فأنصرف ولا أدخل. فقال له الفقعسي: اطرح عليه شيئاً من تراب وادخل. عرض له النميري بقول الشاعر:
ينام الفقعسي ولا يصلي ... ويحدث فوق قارعة الطريق
وعرض له الفقعسي بقول جرير في هجائه بني نمير:
ولو وطئت نساء بني نمير ... على التوراب أخبثن الترابا
ويشبه ذلك أيضاً ما يروي من أن شريك بن عبد الله النميري، ساير عمر بن هبيرة الفزاري يوماً فبدرت بغلة شريك، فقال له ابن هبيرة: غض من لجام بغلتك فقال شريك: إنها مكتوبة أصلح الله الأمير: فضحك ابن هبيرة وقال: لم أرد ما ذهبت إليه وتوهمته. عرض له ابن هبيرة بقول الشاعر: