للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثالثة: أنه يجوز للرجل أن يقول لامرأته أنه يحبها ولا يفضل أحداً عليها ولا يرى في الدنيا امرأة أجمل منها وأشباه هذا الكلام، أو أن يشتري لها الثوب أو الهدية بعشرة ويوهمها أن ثمنه عشرون، ويجوز لها مثل ذلك.

هذا فقط وأمثاله الذي يجوز أن يكذب فيه أحد الزوجين على الآخر، لا أن تذهب لزيارة من لا يسمح لها بزيارته وتقول له: كنت عند الخياطة، أو تذهب إلى السينما وتقول: كنت عند أختي لأنها مريضة مسكينة وحرارتها تسع وثلاثون، ولا أن يسهر هو في الملهى أو في النادي الخبيث ويقول لها: كنت في اجتماع أو تأخرت في الشغل ... هذا كذب صريح لا يجوز ولو كان بين الزوجين.

وهناك حالات يجب فيها الكذب وجوباً: كأن يهرب أحدٌ من ظالم سلاحه بيده يريد قتله فيختبئ منه ويسألك عنه وأنت تعرف مكانه، فهل يجوز أن تدله عليه؟ لا، ويجب أن تكذب. وكذلك إن كان في المسألة ضياع مال أو هتك عرض، وهذا كله من قبيل «ارتكاب أخف الشرّين»، وهي قاعدة شرعية وعقلية.

والأحسن -في هذه الحالات كلها- التورية والتعريض، وأن تقول كلاماً مبهماً ليس فيه كذب صريح، ومن هنا قالوا: "إن في المعاريض لمنجى من الكذب".

والعلماء مختلفون: هل الكذب هو أن تقول ما يخالف الواقع أو ما يخالف اعتقادك، فإذا سمعت صوتاً اعتقدت أنه مدفع الإفطار وقلت: صار المغرب، هل يعد كذباً؟

ورأيي أنا (وقد قرأت قديماً أكثر ما قاله الفقهاء في المسألة) أن كلامك هذا يكون كذباً لأنه يخالف الواقع، ولكن لا تسمى أنت كاذباً

<<  <   >  >>