للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلل للأحكام قد انتشرت في القرآن والسنة، وأن ذلك يفيد أنها شرعت لمصالح العباد، وهذا الاستقراء - كما يقول -رَحِمَهُ اللهُ- لا يستطيع أن ينازع فيه أحد (١).

إجراء الاستقراء:

وردت آيات كثيرة في القرآن تفيد بأن الأحكام شرعت لمصالح العباد، ومن هذه الآيات:

١ - ما ورد في بعثة الرسل الذين بلغوا الشرائع وهم الأصل ومن ذلك قوله تعالى:

{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (٢).


(١) الموافقات ٢/ ٣ - ٤.
لأنه لا يمكن نقضه أبداً، وعلى ذلك كل من يقول بالقياس، وسيأتي معنا تحقيق القول بأن إجماع الصحابة على العمل بالقياس ... وعلى ذلك مذهب أهل السنة، وأما من أنكر القياس أو التعليل فإنه يعتقد أيضاً أن الشريعة شرعها الله رحمة بعباده وإصلاحاً لهم وإقامةً لحوائجهم وتكفلاً بسعادتهم في الدنيا والآخرة .. وإنما أوقعهم في إنكار ذلك اتباع الجدل الذي ابتليت به الأمة، ووفعت فيه طوائف كثيرة من الفلاسفة والمعتزلة والأشاعرة .. فأنكر منهم من أنكر التعليل وهو ينطلق من الرد على المعتزلة فوقع بسبب ذلك إمّا في الاضطراب كما فعل الرازي حيث أنكر التعليل وأقر بالقياس ..
وانظر كشف هذا الاضطراب في هامش تحقيق كتاب المحصول للدكتور طه جابر العلواني - القسم الثاني ج ٢ - ٢٧١ إلى ٢٧٣ وإمّا في ردود الفعل كما فعلت الظاهرية حيث أنكرت القياس ..
والنجاة من ذلك كله الخروج عن منهج الجدليين والتزام المنهج القرآني كما فعل الإمام الشاطبي ومن قبله أئمة السلف أمثال الشافعي ومالك وابن القيم وشيخه وغيرهم كثير حيث التزموا المنهج القرآني اتباعاً لمنهج الصحابة وفروا من منهج الجدليين وهو منهج الفلاسفة والمعتزلة ومن حذا حذوهم .. وعالجوا مناهج الجدليين في اعتدال وتوسط بعيداً عن ردود الفعل، وحذروا وحذّروا من الوقوع فيها، وهذا هو الذي ينبغي المصير إليه في التعلم والتعليم والكتابة والمناظرة والدعوة إلى الإِسلام.
(٢) سورة النساء: آية ١٦٥.

<<  <   >  >>