للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك مسألة تطبيق الحدود فإنه مشروط بشروط فإذا لم تتحقق فلا تطبق، وليس ذلك تغير لوجوب إقامة الحد.

ومثل ذلك منع خروج النساء إلى المساجد ..

وأما مسألة حد الخمر فإنما اتبع الصحابة فيها المصلحة التي شهد لها أصل كلي، ولم يتبعوا فيها مجرد المصلحة، ولم يغيروا بها شيئاً، وكما أن هذه المسألة سندها المصلحة التي شهد لها الشارع، فإن سد الذريعة هي سند الصحابة في منع حد السكر ونحوه في الغزو.

وهكذا في مسألة عدم قصر عثمان - رضي الله عنه - الصلاة في الحج وترك الأضحية فإنها من باب سد الذريعة، والمؤلف لم يشر إلى هذا، وكأن الصحابة يتصرفون في الأدلة بغير ضابط شرعي (١).

المطلب الرابع

بيان موقف الصحابة - رضوان الله عليهم - من النصوص

إذا تقرر ذلك يحسن بي أن أُلِمَّ بموقف الصحابة من النص، وهو معلوم عند العلماء المعتبرين، فإنهم لم يكونوا يتركون النص إلى رأي أو مجرد مصلحة بل كانوا يتشاورون ويردون المسائل إلى النصوص .. فاستدلالهم لا يخرج عن العمل بالنص أو الحمل عليه، وإذا استنبطوا منه معنى واحتجوا به فلا يلزم من ذلك أن يصرحوا بالطريق الذي استنبطوه به، لكن المقطوع به أنهم لم يكونوا يستنبطون الأحكام بمجرد الرأي، وقد سبق ذكر إجماعهم على ذم الرأي الذي لا دليل عليه (٢). فقول صاحب تعليل الأحكام "ولكنهم يخوضون في وجوه الرأي من


(١) ومثل ذلك ما قاله في ثضمين الصناع ص ٥٩. مع أن هذا المثال في الحقيقة يدخل تحت أصل أو قاعدة معتبرة وهي قاعدة سد الذرائع. انظر نظرية المصلحة ٣٤١، أو تدخل تحت أصل معتبر وهو أن المصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة عند التعارض في الوقائع التي لم يرد فيها حكم منصوص. نظرية المصلحة ١٣٣ - ١٣٧.
(٢) انظر الإِجماع ص ٢٦٦ - ٣٨٤.

<<  <   >  >>