للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفائدة هذا النوع من الاجتهاد إلحاق الفروع التي لم يرد بخصوصها نص معين بما ورد به النص (١).

وسيأتي تفصيل ذلك عند الكلام عن القياس كطريق من طرق الاجتهاد وأثر ذلك على تحقق الثبات والشمول، ونشير في هذا الموضع إلى أن المخالفين في مشروعية العمل بالقياس لم يخالفوا في شرعية الاجتهاد، وإنما قالوا أن القياس ليس طريقًا من طرق الاجتهاد، وما يستنبطه القياسيون من الأحكام يستنبطه هؤلاء بطرق أخرى، وسيأتي بيان الصواب في ذلك في موضعه إن شاء الله.

المطلب الثالث

تحقيق المناط

وهو الأداة العملية لشمول أحكام الشريعة لأفعال المكلفين وذلك أن المجتهد ينظر في وجود الوصف المعتبر المستنبط أو المنصوص عليه في سورة تطبيقه أخرى، فإذا علم مثلًا أن السرقة خفية من حرز قدر نصاب هي الوصف الذي أناط به الشارع الحكم وهو القطع ثم سُئِلَ عن النباش (٢) هل هو سارق أم لا؟ نظر، فإن تقرر أنه سارق تحقق مناط الحكم في هذه الصورة وأفتى بوجوب القطع، وإذا لم يتقرر لم يتحقق مناط الحكم فيفتي المجتهد بتخلف الحكم لتخلف مناطه، هذا معنى تحقيق المناط.

وهذا النوع من الاجتهاد لا خلاف بين الأمة في قبوله، ولا ينقطع حتى


(١) الموافقات ٤/ ٦٠، المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني ٢/ ٢٩٢.
(٢) النباش هو الذي ينبش القبور، ويأخذ ما فيها من اللباس، والخلاف فيه بين الفقهاء ليس خلافًا في تنقيح المناط وهو وجوب القطع على السارق، وإنما الخلاف فيه من باب الخلاف في تحقيق المناط، فمن قال أن عمله هذا سرقة قال بقطعه بشرطه وهو أن يسرق نصابًا، ومن قال أنه لا يعتبر سارقًا لأن حقيقة السرقة وهي أخذ المال خفية من حرز .. لم تتحقق في عمل النباش لم يوجب قطعه. انظر المسألة في المغني ٩/ ١٣١ - ١٣٢ وأحكام القرآن لإبن العربي ٢/ ٦١١ - ٦١٢.

<<  <   >  >>