للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهؤلاء أمراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبلغون الناس التوحيد وهم أحاد، وتقوم ببلاغهم الحجة عليهم، ولو لم يفد ذلك لما أرسلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يكون في إرسالهم حينئذ فائدة.

فكل خبر استكمل شروط صحة الإِسناد مع السلامة من الشذوذ والعلة فهو حجة على الخلق بلا ريب، لا فرق في ذلك كما ترى بين خبر الأحاد وخبر غيرهم.

الفرع الثاني

ذكر حديث معاذ كما رواه مسلم

روى الإِمام مسلم بسنده عن ابن عباس أن معاذًا قال بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" (١).

وقد اشتمل هذا الحديث على بعض أصول الدين وفرائضه، فأصوله الشهادتان، وفرائضه الصلاة والزكاة، أما الشهادتان فهي عقيدة لا ينازع في ذلك منازع ولا تثبت إِلا بما يفيد العلم، وهذا الحديث الذي أثبتها وقامت به الحجة على أهل الكتاب إِنما هو خبر واحد، وأما الفرائض فهي من الدين بمنزلة عظيمة ولا تثبت إلا بما يفيد العلم، وهذا الحديث نفسه أثبتها وقامت به الحجة، فلو كانت الأدلة النقلية لا تفيد العلم ومنها خبر الواحد لما قامت الحجة على أهل اليمن والثابت أنها قامت عليهم بهذا الحديث وهو خبر واحد ..

قال الإِمام الشافعي -رَحِمَهُ اللهُ-: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراياه وعلى كل


(١) صحيح مسلم بشرح النووي - ١/ ١٩٦ - ١٩٧ باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإِسلام.

<<  <   >  >>