للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكثر ألفاظاً ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها حتى لا يكون موجوداً فيها من يعرفه.

والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه: لا نعلم رجلاً جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيء، فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن وإذا فُرّق عِلْمُ كلِ واحدٍ منهم ذهب عليه الشيء منها، ثم كان ما ذهب عليه منها موجوداً عند غيره .. " (١). وبهذا حفظ الله سبحانه وتعالى دينه فلم يذهب من علم الحديث على المحدّثين شيء، ولا من علم الفقه على الفقهاء شيء، ولا من علم التفسير على المفسرين شيء، ولا من علم العربية على علمائها شيء ... وهكذا في سائر العلوم وهذا متحقق ومشاهد والحمد لله، وهو آية من آيات الله دالة على بقاء هذا الدين ما بقيت الحياة على هذه الأرض ولقد كان للقراء والمحدثين والفقهاء .. أسوة في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث كانوا محافظين على هذه الشريعة من حيث ثبات نصوصها وثبات الفهم الصحيح لها، وإذا كنا تحدثنا عن الأول في هذا المطلب فلنتحدث عن الثاني في المطلب الآتي وبالله التوفيق.

المطلب الخامس

تطبيقات على منهج الصحابة - رضوان الله عليهم - في المحافظة على ثبات الأحكام

إن جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - أعلم أجيال هذه الأمة بالوحي ولغة العرب، وأصدقها في الفهم والنقل، وأحرصها على حراسة هذه الشريعة ونصرتها ودفع الشبه عنها بحيث صار هذا الجيل هو القدوة العملية والحجة على كافة الأجيال بعد ذلك، تحقيقاً لقوله تعالى في سورة التوبة:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (٢).


(١) مسألة رقم ١٣٨ - ١٣٩ - ١٤٠.
(٢) سورة التوبة: آية ١١٩.

<<  <   >  >>