للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق وهم أهل العلم" (١). فإذا انقرضوا جاء أمر الله وأذن سبحانه بانقطاع التكليف.

ومن هنا ندرك ضرورة الاجتهاد للتعرف على مراد الله من نصوص الكتاب والسنة، وندلف بعد ذلك إلى دراسة أهم شروطه، وأقتصر على دراسة شرطين اثنين لقوة أثرها سلبًا وإيجابًا على حقيقة الثبات والشمول، وهما شرط العلم بلغة العرب وشرط العلم بمقاصد الشريعة، إضافة إلى أنهما شرطان ضروريان لتحقق ملكة الاجتهاد كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

المطلب الأول

العلم بلغة العرب

نزل هذا القرآن بلغة العرب كما قال تعالى:

{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (٢).

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (٣).

{كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (٤).


(١) المصدر نفسه ١٣/ ٢٩٣. واختار الحافظ ابن حجر في تفسير المراد بالطائفة ما يقوي اختيار البخاري في هذه الترجمة -وقد نقله عن النووي وعضده- فقال: قال النووي: "فيه -أي الحديث- أن الإِجماع حجة، ثم قال يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالمعروف وناهٍ عن المنكر وزاهد وعابد، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد، بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وأن يكونوا في بعض منه دون بعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولًا فأولًا إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله، انتهى ملخصًا مع زيادة فيه" انتهى كلام ابن حجر ثم عضده بدليل آخر. انظر ١٣/ ٢٩٥.
(٢) سورة الزمر: آية ٢٨.
(٣) سورة يوسف: آية ٢.
(٤) سورة فصلت: آية ٣.

<<  <   >  >>