حق أو باطل، وسأحاول الوصول إلى المقصود دون إغراق البحث بالتفصيلات التي لا حاجة لنا بها.
المطلب الأول
تحرير موضع النزاع
المقصود "بالتغير" في الحكم الشرعي هو انتقاله من حالة كونه مشروعاً فيصبع ممنوعًا، أو ممنوعاً فيصبح مشروعاً باختلاف درجات المشروعية والمنع.
فهذه حادثة حكمها الشرعي المنصوص عليه أو المستنبط كذا، ثم تصبح في زمن آخر تحت حكم مخالف للحكم الأول، هذا هو جملة ما يصوره البحث عند المطلقين لتلك القاعدة أو المقيدين لها (١).
وإلى هنا يبقى كثير من اللبس في تحرير موضع النزاع، أكشف عنه بإضافة أمر مهم جداً ألا وهو النظر في تلك الحادثة التي تغير حكمها هل هي في الحالين سواء؛ هل الحادثة التي أخذت الحكم الأول ثم أخذت الحكم الثاني هي هي بالخصائص نفسها وبجميع الملامح والاعتبارات والحيثيات أم أنها تختلف في خصائصها .. من حالة إلى حالة؟.
وبالجواب عن هذا السؤال ينكشف لنا اللبس الذي أحاط بهذه القضية حتى كثر فيها القول وتشعب ..
إن تلك الحادثة التي تغيّر حكمها إما أن تكون هي هي عند تغيّر الحكم بجميع خصائصها والحيثيات التي تكتنفها، وإما أن تختلف في بعض خصائصها وحيثياتها.
فإن كانت الأولى فنحن ننازع أشد المنازعة في تغيّر حكمها لأن ذلك
(١) انظر محاولة لتحديد معنى "التغيّر" لغة وشرعًا والفرق بينه وبين النسخ في رسالة الماجستير "الفقه والقضاء وأولوا الأمر ودورهم التطبيقي لقاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان" إعداد محمد راشد علي - كلية الشريعة والقانون - بالقاهرة ص ٨ - ١٨.