للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن الأمر أسهل من ذلك كله، أفلا يلتفتون إلى أمر آخر، يقولون كيف نهدر الأدلة المبيحة للعمل بالمصلحة؟ أفلا يقولون كيف نهدر الأدلة التي أوجبت اتباع النصوص وجعلته دينًا وحذرت من سواه.

أفلا يعلمون أنَّه كتابْ أنزل من لدن حكيم عليم، وبيانه من رسول كريم رحيم بوحي من الله، يحدد الخير والمصلحة ويرسم طريق السعادة، ويفصل بين الحق والباطل، ويكشف تزين الشيطان وشبهه للخلق - حيث يدعوهم إلى الفساد باسم المصلحة، وإلى الشرك باسم اتباع الأباء والأجداد، فما ترك الوحي شيئًا من شبه الشيطان إلا وكشفه، ثم يقال: إن المصلحة يمكن أن تكون في غيره، عجيبة من عجائب الفكر، وضلالة بينة حملها وزرها الطوفي وتَبِعَهُ عليها من تَبِعَهُ وذلك كله دليل على قصر العقل البشري وإن من ظن بنفسه أنه سيأتي بعلم جديد يخالف به الإِجماع، فإنما يحكم على نفسه بالوقوع في الآراء الساقطة ويذهب يخبط في عماية، ونسأل الله العافية والسلامة ..

المطلب السابع

عدم فهم بعض الباحثين لمعنى "التعبد" في الشريعة ومناقشته فيما نقله عن الشاطبي

يعتبر صاحب تعليل الأحكام أن الشارع قصد بالعبادات - التي كلف بها الناس - الامتثال ولا دخل لاعتبار المصالح فيها.

وأما المعاملات: فإنه نظر إليها أولًا من جهة تحصيل المصالح للأنام وهو الأصل فيها .. ثم أخذ في الاستدلال على التقسيم بثلاثة أدلة وهي:

١ - الاستقراء: فقد وجدنا أحكام المعاملات تحفظ على الناس مصالحهم وتدور معها حيث دارت، فترى الشيء الواحد يحرم في حال ويباح في حال أخرى كالدرهم بالدرهم إلى أجل يمتنع في المبايعة ويباح في القرض (١).


(١) تعليل الأحكام ٢٩٦، وقد أخذه من الموافقات ٢/ ٢٢٥ بدون أن ينسب إليه.

<<  <   >  >>