الاجتماعي وإن كانت في مقابلة النصوص، وهذا يدل على أن المصلحة دليل كباقي الأدلة الأخرى.
ثالثاً: أن من المصالح ما يتغير بتغير الزمان ولذلك فإن الصحابة بدلوا بعض الأحكام لتبدل الزمان والمصالح، وتارة يقول أن هذا التبديل إنما هو في التطبيق، ويستدل على ذلك بوقائع متفرقة، ويرى مخالفة النص بهذه المصلحة لأنه قد ثبت حجية المصلحة كدليل شرعي بمجموع نصوص.
رابعاً: يعتبر هذا المنهج - الذي فهمه من تلك التطبيقات - هو المنهج الحق وأن الأصوليين حادوا عنه واشترطوا شروطاً لم يثبت عليها دليل.
ومما تنبغي الإشارة إليه أن الاعتماد على تصوير هذا المذهب من هذا الكتاب خاصة سببه أن هذا الكتاب يعتبر عمدة في الانتصار لهذا الرأي ومنه يغترف أولئك الباحثون الذين جاءوا من بعده، وستكون المناقشة في المطلب الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن حسب الترتيب الآتي (١) والله المستعان.
[المطلب الثالث]
مناقشة القول بأن الصحابة عملوا بالمصلحة والحكمة ولم يسيروا وراء الأوصاف الظاهرة بل اتبعوا وجوه الرأي من غير التفات إلى الأصول، وأنهم منعوا العمل ببعض الأحكام، وخالفوا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث غيروا بعض الأحكام لتغير المصالح واشتهر ذلك بينهم فكان إجماعاً:
(١) ولذلك فإني أعتبر هذه المطالب رداً وتفنيداً لشبهة تغير الأحكام سواء وردت في الكتاب المذكور أو في غيره من الكتب، وإنما تتبعتها كما جاءت فيه لأنه استوعب أكثر الشبه التي يمكن أن تروّج لقضية التغيير والتبديل، وقد بناها على القول باتباع المصالح، ونحن نحتاج إلى بيان مدى خطورة ترك ضوابط المصلحة من الناحية التطبيقية، ليكون في ذلك عبرة لكل من يتحدث عن الإِسلام ويعمل له، فكثيراً ما ضل قوم وهم يزعمون أنهم يتبعون المصلحة، ولا بد من استيعابه ومتابعة الشبه وتصحيح نقول بعض الباحثين عن الأئمة التي لم تصحح في بحوث أخرى، ولو اقتضى ذلك نوعاً من التطويل .. والله المستعان ..