للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

العموم اللفظي

العموم هو الشمول، تقول العرب عم الرجل قومه بالعطية إذا شملهم (١) وعموم الشريعة شمولها، بحيث يدخل في حكمها ما لا حصر له من الوقائع والحوادث في جميع نواحي الحياة البشرية، فكما أن عموم التكليف للبشر أجمعين -وهم غير محصورين- فكذلك العموم هنا يشمل كل ما يحتاجه الناس في عموم الأحوال والأزمان والأمكنة بلا حصر (٢)، ونصوص الشريعة أكثرها


(١) لسان العرب - مادة "عم".
(٢) من تعريفات العام أنه "لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر" ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} النساء: ١١، فلفظ "الأولاد" الوارد في الآية عام يشمل كل ولد كبيرًا أو صغيراً ذكرًا أو أنثى مسلمًا أو كافرًا، ثم ورد النص بمنع القاتل والكافر.
ومثله ما ورد في الحديث: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" فإنه عام في كل امرأة. انظر تخصيص العالم ١١ - ١٣. وهذه الأمثلة والتعريف أوردته للبيان فقط، وقد اتفقت طريقة المتكلمين وطريقة الحنفية على أمور منها: أن دلالة العام على أصل معناه قطعية، وأن ما قامت القرينة على نفي إرادة الخصوص منه فهو قطعي في شموله لجميع الأفراد، واختلفوا فيما سوى ذلك. انظر تخصيص العام ٣٥، وسيكون منهجي في البحث هو البناء على ما ورد من تحريرات لطريقة المتكلملين وطريقة الحنفية لأن البناء على المادة العلمية الموثقة والمسلمة يوفر الجهد للمضي بالبحث في هذه القضايا إلى مسائل جديدة، ونقل المادة العلمية شيء وتحليلها شيء آخر، ولذلك فإني لا أضيف جديدًا في عرض تلك الطريقتين، أما تحليل موقفهما وأدلتهما فهذا هو الذي سأهتم به مع إضافة =

<<  <   >  >>