للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمومات منها ما ورد في القرآن ومنها ما ورد في السنة وهي من أكبر قواعد الشمول في الشريعة (١)، لأنها من جهة تعتبر جوامع مختصرة يدخل تحتها ما لا يمكن حصره من الجزئيات والوقائع التي تجد في حياة البشرية، ومن جهة أخرى تمثل ثبات الشريعة لأنها عمدتها ولأنها حجة على كل حال عند السلف الصالح يقطعون بعموماتها بحسب فهم المقصد العربي في اللسان وبحسب مقاصد الشارع في موارد الأحكام.

وفي هذا المبحث بيان لحجيتها وقوتها (٢) والجواب عما يعارض ذلك وقد اختلف منهج الأصوليين في دراسة العمومات، وأدى هذا الاختلاف إلى الاختلاف في قوة شمولها فمنهم من ضعفها وجعلها ظنية وهم المتكلمون ومنهم من قواها فجعلها قطعية وهو منهج الحنفية والشاطبي وابن تيمية (٣)، مع أن هؤلاء وهؤلاء يستدلون بها وتتقارب وجهات النظر عندهم إذا أخذوا في الاستدلال، لأن طريقة المتكلمين تنزع -كعادتها- إلى البحث التجريدي -


= عرض الآراء الأخرى للأصوليين المعتبرين: أمثال الإِمام الشاطبي والإمام ابن تيمية، وخاصة وأن أكثر الباحثين لم يفطنوا لطريقة الشاطبي وابن تيمية، ولعل سبب ذلك يرجع إلى غلبة مسلك المتكلمين على أصول الفقه وحصر البحث الأصولي في طريقة المتكلمين والحنفية ويقتضي البحث أمرًا آخر وهو مقابلة طريقة المتكلمين بطريقة الشاطبي وابن تيمية، وسيكون كلام الشاطبي هو الأصل لأنه مفصل، أما الأحناف فلأنهم يساعدون الشاطبي وابن تيمية من جهة .. فقد اخترت عرض أجوبتهم عن أدلة المتكلمين فقط، وسيكون العرض مناسبًا لطبيعة هذا الكتاب.
(١) وهناك "القياس" فإن ما ورد من الجزئيات هو في الحقيقة عام لأنه يصلح أن يقاس عليه غيره بشرطه وسيأتي بيان ذلك، ومنه قياس المصلحة، وهناك العموم المعنوي وسيأتي إن شاء الله.
(٢) هناك من يرى أنه وإن كان حجة إلّا أنه حجة ضعيفة وسيأتي الجواب عن ذلك حين عرض المذاهب.
(٣) هناك فوارق مهمة بين منهج الأحناف من جهة ومنهج الشاطبي وابن تيمية في تخصيصها بعد تقويتها فالحنفية لا تخصصها بالأحاد والشاطبي وابن تيمية يخصصونها بما ثبت مطلقًا على ما سيأتي بيانه إن شاء الله.

<<  <   >  >>