للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرع الثالث

حاصل كلام أهل العلم في معنى الإِكمال

وتفسير أهل العلم من السلف لمعنى الِإكمال يفيدنا أموراً: منها:

١ - أن القرآن أوجب اتباع السنة، ولذلك فإن هذه الشريعة "وهي نصوص الكتاب والسنة" قد تمت وكملت، فكما أن القرآن موصف بالكمال والعصمة فكذلك السنة (١)، وإجماع الأمة.

٢ - أن السنة تفسر الكتاب وتبينه، كما أن الإِجماع والقياس طريقان للتعرف على ما تضمنته الشريعة من المعاني الكلية والجزئية، وهذا هو معنى إكمال الدين الوارد في الآية.

فإذا قلنا أن القرآن فيه بيان كل شيء كان المقصود أن دلالة السنة والإِجماع والقياس قد أوجب القرآنُ اتباعها، فكل حكم نتج عن ذلك صح أن نقول عنه أن القرآن دل عليه (٢) .. مثال ذلك ما ورد في الصحيح عن ابن مسعود قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات" الخ .. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن، فأتته، فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت كذا وكذا؟ فذكرته، فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٣) ..


(١) انظر ما سبق ص ١١٦ - ١٢١.
(٢) وهذا خلاف رأي قوم لا خلاق لهم خارجين عن السنة، حيث زعموا أن القرآن فيه بيان كل شيء فاطّرحوا أحكام السنة وتأولوا القرآن دون أن يرجعوا إليها .. وانظر شبهتهم في الموافقات للشاطبي، والجواب عنها ٣/ ١٢ وما بعدها.
وستأتي الإشارة إلى ذلك - إن شاء الله.
(٣) الحديث في كتاب اللباس من صحيح البخاري بشرح فتح الباري باب المتفلجات للحسن ١٠/ ٣٧٢.

<<  <   >  >>