للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: قاعدة سد الذريعة (١):

ذكر الامام ابن القيم تسعة وتسعين دليلاً على هذه القاعدة (٢)، وبين الإِمام الشاطبي اتفاق الأئمة والسلف على أصل سد الذريعة (٣)، وإليك بعض الأدلة على وجوب سدها نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:

١ - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أشار إليه بعض أصحابه بقتل المنافقين الذين ظهر نفاقهم قال: "أخاف أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" فالقتل لهؤلاء مصلحة شرعية، وحصول التهمة هذه بعد قتلهم مفسدة تزيد على تلك المصلحة بكثير، فمنع من المصلحة سداً لذريعة الفساد (٤).

٢ - قوله - عليه الصلاة والسلام - لعائشة - رضي الله عنها - "لولا قومك حديث عهد بكفر لأسست البيت على قواعد إبراهيم" فالمصلحة ظاهرة وهي رد البيت إلى قواعده التي أمر الله أن تبنى عليها، والمفسدة هي ارتداد الداخلين في الإِسلام الذين هم حديث عهد بكفرِ، فكانت المفسدة أعظم من المصلحة فمنعت مع أنها مشروعة في الأصل سداً لذريعة الفساد (٥).

٣ - قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (٦)


(١) الذريعة هي الوسيلة، فالتوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة ممنوع، وكما يجب منع الذريعة يجب فتحها إذا أدت إلى مصلحة وتكره وتباح وتندب، فوسيلة الواجب واجبة، ووسيلة الحرم محرمة. انظر نظرية المصلحة ٢٠٠ - ٢٠١.
(٢) انظر أعلام الوقعين ٣ من ١٧٧ - ٢٠٥.
(٣) ٣/ ١٩٣، والخلاف بينهم إنما هو في تحقيق مناط هذه القاعدة في بعض الجزئيات. انظر نظرية المصلحة في الفقه الإِسلامي ٢٦٦.
(٤) انظر أعلام الوقعين ٣/ ١٧٩ - ١٨٠، الموافقات ٢/ ٢٦٥.
(٥) نظرية المصلحة ٢٢٠.
(٦) سورة الأنعام: آية ١٠٨.

<<  <   >  >>