للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جاءت السنّة المطهرة ببيان أمور ثلاثة هامة تدل على رفع الحرج وهي:

١ - بيان يسر هذا الدين وسماحته ورفع الحرج عنه (١).

٢ - في خشيته - صلى الله عليه وسلم - أن يكون قد شق على أمته (٢).

٣ - في أمر الصحابة بالتخفيف ونهيهم عن التعمق والتشديد وإنكار ذلك (٣).

وهذه تدل جميعها على أن رفع الحرج أصل مقطوع به (٤)، يقول الإِمام الشاطبي وهو يستدل على العموم المعنوي "وإذا فرضنا أن رفع الحرج في الدين مثلاً مفقود فيه صيغة عموم فإنا نستفيده من نوازل متعددة خاصة مختلفة الجهات متفقة في أصل رفع الحرج، كما إذا وجدنا التيمم شرع عند مشقة طلب الماء والصلاة قاعدًا عند مشقة القيام والقصر والفطر في السفر والجمع بين الصلاتين في السفر والمرض والمطر، والنطق بكلمة الكفر عند مشقة القتل والتأليم، وإباحة الميتة وغيرها عند خوف التلف الذي هو أعظم المشقات، والصلاة إلى أي جهة كانت لعسر استخراج القبلة، والمسح على الجبائر والخفين لمشقة النزع ولرفع الضرر، والعفو في الصيام عما يعسر الاحتراز منه من المفطرات كغبار الطريق ونحوه إلى جزئيات كثيرة جداً يحصل من مجموعها قصد الشارع لرفع الحرج، فإنا نحكم بمطلق رفع الحرج في الأبواب كلها عملاً بالاستقراء فكأنه عموم لفظي" (٥) أي يحكم به المجتهد على كل نازلة تعن له من غير اعتبار بقياس أو غيره من دليل خاص.


(١) المرجع السابق ٨٢.
(٢) المرجع السابق ٨٩.
(٣) المرجع السابق ٩٠.
(٤) المرجع السابق ١٠٧، وقد ذكر المؤلف من الأدلة الجزئية وبين معانيها ونقل ما قاله السلف من الصحابة والتابعين في ما يقارب خمسين صحيفة، وكل ذلك يؤكد هذا المعنى -وهو رفع الحرج- ويجعله أصلاً شرعياً في الاستدلال.
(٥) الموافقات ٣/ ١٨٩.

<<  <   >  >>