للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني

المقصود من الثبات والشمول والأدلّة على ذلك

تمهيد وتوطئة:

إن جيل الصحابة - رضوان الله عليهم - قد أدرك صفات هذه الشريعة وآمن بها إيماناً لم يبلغ قمته جيل آخر من أجيال المسلمين، ويرجع ذلك إلى أنهم أوفر الأجيال حظاً في العربية والقدوة، فقد انطلقت دعوة التوحيد على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو القرآن معرفاً الناس بربهم الواحد سبحانه، وأنزل الله سبحانه في هذا القرآن أكثر من الثلثين من آياته كلها تتحدث عن التوحيد (١)، وأخذ الرسول - عليه الصلاة والسلام - في تبليغ هذه الدعوة على تلك الطريقة الربانية والصحابة - رضوان الله عليهم - أشد ما يكونون تأثراً بها واستجابة لها.

وكان من معالم تلك الطريقة الحديث الواسع المستمر عن صفات الله سبحانه وتعالى، وتجديد معرفة الناس بهذه الصفات وتذكير الفطرة بها وإزالة الشبهات عنها، واستمرار الخطاب والتربية على ذلك حتى تصح معرفة الناس بربهم وتتعمق وترسخ فيستقر الإِيمان في القلوب في رضى وطمأنينة وقبول لأحكام هذه الشريعة ويتحقق الاستسلام لها والإِذعان، فتارة يحدثهم القرآن عن


(١) قال الأستاذ محمود محمد شاكر عن القرآن الذي نزل بمكة وآياته: "٤٦١٨ جاء أكثرها في حجاج الكفار من أهل الملل جميعاً، في شأن التوحيد وتوجيه العبادة الله وحده وسائر العقائد التي اختلف الناس عليها بعد أن تباغوا بينهم فبدلوا دين الأنبياء وحرفوه واتبعوا أهواءهم" ٥٤٧ - أباطيل وأسمار - الطبعة الأولى ١٩٦٥ - مطبعة المدني - القاهرة.

<<  <   >  >>