للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وما نقل عن ابن عباس إن ثبت من طريق صحيح فيحتمل التأويل" (١).

ولعل في صحته نظر، ولو صح لاعتمده بعض من انتصر لطريقة المتكلمين، ولكنه لم يثبت، وأما قول الإِمام الشاطبي أنه إن ثبت فيحتمل التأويل -لا يعني ثبوته- بل هو من المجادلة بالحسنى، ولعل التأويل الذي تطلع إليه الشاطبي يشبه ما قاله شيخ الإِسلام ابن تيمية -وهو يتعجب أشد العجب من هذه المقالة "ما من عام إلا وخصص" فيعتذر لمن نصرها بأنهم يقصدون "ما من عام فيه لفظ" كل شيء "إلا وخصص إلا كلمة أو كلمات" (٢) أما العمومات الأخرى التي ليس فيها لفظ "كل شيء" فإن ابن تيمية يرى أن قولهم فيها أنها مخصصة إلا قوله تعالى: {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، أنه من أكذب الكلام وأفسده وإن أطلقه بعض السادات المتفقهة (٣) ومن ثم فإن ابن تيمية يعارض في تضعيف العمومات (٤)، ويتابع السلف كما تابعهم الشاطبي ويعتبر العمومات المسندة المجردة عن قبول التخصيص تكاد تكون قاطعة في شمولها بل قد تكون قاطعة (٥).

الفرع الثالث

مناقشة ابن تيمية لطريقة المتكلمين ومقارنتها بمذهب الشاطبي

وقبل أن أذكر جواب شيخ الإِسلام عن طريقة المتكلمين أذكر أوجه الشبه بين منهج الإِمام الشاطبي والإِمام ابن تيمية في عدة نقاط:

١ - أنهما يشتركان في القول بقطعية العمومات.

٢ - أن ابن تيمية يعتبر أن مذهب الجمهور: أن الخاص المتأخر عن


(١) المصدر السابق ٣/ ١٨٤.
(٢) مجموع الفتاوى الكبرى ٦/ ٤٤١.
(٣) مجموع الفتاوى الكبرى ٦/ ٤٤٢.
(٤) المصدر السابق ٦/ ٤٤١.
(٥) المصدر السابق ٦/ ٤٣١.

<<  <   >  >>