للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشار إلى ذلك الإِمام الشافعي في رسالته في أصول الفقه، ومن ثم خلطوا الشريعة الربانية بأهواء البشر بسوء صنيعهم هذا.

فلا بد إذاً من الملكة .. ولكي تكون في الإمكان لا نشترط الإِحاطة .. بل للناظر أن يستظهر بغيره فيما أشكل عليه وأعوزه، وهنا يستطيع أن يدرك مقاصد العربية ومن ثم يدرك مقاصد الشريعة، فيؤتي الاستنباط ثماره محققاً شمول الشريعة وثباتها، فلا نحن أقفلنا باب الاجتهاد وجعلناه من المستحيلات بحيث نوجب الإحاطة بعلم العربية ولا نحن تركنا الحبل على الغارب بحيث يدخل فيه كل دعي وإن جهل، وإلى الحديث عن الشرط الثاني وهو العلم بمقاصد الشريعة.

المطلب الثاني

معرفة مقاصد (١) الشارع

وهذه المعرفة هي التي تؤهل الناظر لدرجة الاجتهاد، يقول الإِمام السبكي: "المجتهد هو: "من هذه العلوم ملكة له وأحاط بمعظم قواعد الشرع ومارسها بحيث اكتسب قوة يفهم بها مقصود الشارع" (٢).


(١) المقاصد جمع مقصد، وتقول قصدت إلى الشيء إذا طلبته، وقصد في الأمر قصداً توسط وطلب الأسدّ ولم يجاوز الحد، المصباح المنير ٦٠٨، فمقاصد الشارع مطالبه، وعلى المجتهد أن يتعرف عليها ليعمل بها ويقف عند حدودها وقد صنف في الباب الجويني والغزالي والعز بن عبدالسلام والقرافي وابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولم يبلغ أحد منهم مبلغ الشاطبي في الموافقات فهو بحق فارس هذا الميدان لم يسبقه أحد في تقريرها كما قررها هو ولم يلحق به أحد بعده إلى الأن، انظر في هذا رسالة الدكتوراه: المقاصد في العقود ٧٣ وما بعدها للدكتور عثمان المرشد -قسم المخطوطات- جامعة أم القرى - المكتبة المركزية. وليس المقصود هنا تفصيل ما ذكره العلماء في باب المقاصد وإنما نريد بيان أهميتها في صحة الاجتهاد ووجه ارتباطها باشتراط العربية، وفيما سيأتي من الموضوعات أمثلة توضح ذلك في كل موضع بما يناسبه إن شاء الله.
(٢) حاشية البناني على جمع الجوامع ٢/ ٣٨٣.

<<  <   >  >>