للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدى إلى فتح الباب لدخول الشبهة على كثير من الباحثين (١)، ذلك أنهم كروا على الأدلة واحدًا واحدًا بكثرة الاعتراضات والاحتمالات.

وإذا تقرر أن الأحاديث الواردة في عصمة الأمة عن الضلالة والخطأ والأحاديث الواردة في تعظيم شأنها تفيد حجية الإِجماع لم يبق بعد ذلك إلّا النظر في إفادتها العصمة نصًا، وهذا الأمر متفق عليه (٢)، فثبت أن الأمة معصومة وأن الحكم الناتج عن إجماعها معصوم كذلك، وهذا مذهب الأئمة الأعلام منهم الأئمة الأربعة وأتباعهم (٣). وإذا تحققنا من العصمة تحققنا من ثبات الحكم المجمع عليه.

المطلب الثاني

الاعتراض الثاني وجوابه

إن الإِجماع لا يحتاج إلى سند، بل يمكن أن يلهم الله المجتهدين فيجمعون على حكم لا سند له إلّا الإِلهام، يؤكد ذلك أن الإِجماع لو كان سنده الكتاب


(١) أشرت إلى ذلك في هامش ص ١٦٧.
(٢) وشذ من زعم أن الحديث إنما هو وارد في أن الأمة لا تجتمع على الكفر فترتد، أما اجتماعها على الخطأ فممكن.
والجواب عنه: أنه مع التسليم أن الأمة لا تجتمع على الكفر إلى قيام الساعة كما هو مقرر عند العلماء المحققين من أهل السنّة وإن كثرت طوائف الضلال فيها، انظر الاعتصام ٦/ ٢٠٢ شرح الكوكب المنير ٢/ ٢٨٢، ٢٨٣.
إلّا أن الأحاديث وردت في عصمتها عن الخطأ في الحكم أيضًا لأن الخطأ في الحكم نوع من الضلال فإن لفظ الضلال عام يدخل فيه معنى الحيرة عن الحق كما في قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} ويدخل فيه ما هو دون الكفر من الانحراف، ويدخل فيه الكفر، فهي إذن معصومة عن الخطأ في الحكم أيضًا، وهذا الرأي الشاذ مع سقوطه أحببت التنبيه عليه والأصوليون متفقون بعد ذلك على أن الأحاديث تدل على إثبات العصمة. انظر المستصفى ١/ ١٧٥، كشف الأسرار ٣/ ٣٥٥.
(٣) شرح الكوكب المنير، قال الفتوحي و"الإِجماع حجة قاطعة بالشرع، أي بدليل الشرع كونه حجة قاطعة، وهو مذهب الأئمة الأعلام منهم الأربعة وغيرهم ... " ٢/ ٢١٤.

<<  <   >  >>