للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الخامس

مواطن الإِجماع ومواطن الخلاف وقضية الثبات والشمول

توطئة:

إن المنهج الرباني المتمثل في هذه "الشريعة" قد أخرج خير أمة للناس، من أهم خصائصها الإِيمان بالله، وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر ..

والأمر بالمعروف لا يكون إلّا بعد معرفته، وكذلك النهي عن المنكر، وقد يسّر الله سبحانه لهذه الأمة طريق التعرف على ذلك، وجعل فيها ربانيين يعْلَمُون الحق وبه يعدلون، وهؤلاء هم قادتها المجتهدون من أهل العلم والبصيرة في الدين، القائمون بالعدل في تربية الأمة وحملها على الحق وبذل الجهد للحيلولة بينها وبين الشرك والشك والشقاق والنفاق والبدع وسوء الأخلاق، وهؤلاء هم ورثة الأنبياء، اكتسبوا هذه الوراثة بعملهم وعلمهم، وقد وفقهم الله لذلك - وعلم منهم صحة الاعتقاد وسلامة النية وصدق المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - فجعل لهم عند الأمة مكانة طيبة ومنزلة عالية، فكان منهم أئمة الصحابة، وأئمة التابعين، وأئمة تابعي التابعين، ثم في كل جيل بعدهم أئمة هم محل القدوة، ومنهم تعرف الأمة حكم الله، حيث هم الأدلاء عليه، الذين يستنبطونه من المنهج الرباني، ويعرّفون الناس به، وهؤلاء الأئمة في كل جيل هم صفوته المختارة، وبهم يتم العقد والحل فيها، وهم أهل الاجتهاد، وبهم ينعقد الإِجماع.

و"الأمة" الخيّرة ترتبط بهؤلاء ارتباطًا وثيقًا، يشده ويقويه إدراكها العميق أن هؤلاء هم أهل الجهاد والعلم والبصيرة، فقد علمت الأمة مكانتهم

<<  <   >  >>