للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصلحة أو دفع مفسدة وهو المقصد من التشريع، وحينئذ فالاعتماد عليه أولى من الوصف الظاهر (١).

وعورض بأن الحكمة لا تظهر ولا تعرف في بعض المواطن ولذلك أناط الشارع الحكم بالوصف الظاهر المنضبط، وعند ذلك علمنا أن هذا هو المعتبر، وحتى إن تخلف الحكمة في بعض الأحيان لا يمنع اتباع الوصف الظاهر بالحكم، فالسفر وصف ظاهر يتبعه الحكم برخصة القصر حتى للملك المرفه الذي تحققنا أن المشقة لا تلحقه بسفره وكذلك الحمالين في شدة الحر قد تحققنا أن المشقة تلحقهم وأن الحكمة تحقق فيهم لكن لم يربط الشارع الحكم بها.

[الفرع الثاني]

• الرأي الثاني: عدم الجواز مطلقاً، ونسبه الآمدي للأكثرين (٢).

واستدل أصحاب هذا المذهب.

١ - قالوا إنما جاز التعليل بالوصف الظاهر المنضبط لتعذر التعليل بالحكمة (٣).

٢ - أن الحكمة - وهي المصلحة أو المفسدة - متعلقة بالحاجات والأمور الباطنة، فلا يمكن الوقوف على مقاديرها لاختلاف الأشخاص والأحوال، ولذلك ربط الشارع الحكم بالوصف الظاهر المنضبط ولم يربطه بالحكمة لعدم إمكان ذلك.

وأجيب عنه: بأنه لو لم يمكن العلم بها لما أمكن العلم بالوصف الظاهر


(١) وقال الأسنوي كلام ابن الحاجب يقتضي موافقتهما، وحرر الأستاذ الشنقيطي في رسالته للدكتوراه (الوصف المناسب) مذهب ابن الحاجب كما بينه (العضد) وحاصله أن التعيل بالحكمة يجوز إن زال المانع وهو اضطرابها وخفائها، انظر ٨١ ونهاية السؤال ٤/ ٢٦٠ والمختصر مع حاشية السعد ٢/ ٢١٣ - ٢١٤.
(٢) الإِحكام للآمدي ٣/ ١٨٦.
(٣) المحصول القسم الثاني ٢/ ٣٣٣، وشرح تنقيح الفصول ٤٠٦ الطبعة الأولى لشهاب الدين القرافي.

<<  <   >  >>