للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرع الثالث

استخراج أهم القيود المختلف فيها وهل الفقه من المعلومات أو من الظنيات

إن قيد "العلم" الذي جاء في تلك التعريفات يفيد بظاهره أن الفقه علم لا ظن، وإذا علمنا أن الأصوليين اختلفوا في تفسيره احتجنا أن نحدد ذلك ونتعرف عليه، والحاصل أنهم اختلفوا على مذهبين:

المذهب الأول: أن الفقه من الظنيات والقطعيات ليست منه، وقد صرح الرازي بهذا المذهب وفسر قيد "العلم" في التعريف بقوله: "العلم بوجوب العمل" فكان تعريف الفقه عنده هو: "العلم بوجوب العمل بالأحكام الظنية" فالفقه من الظنيات، ونحن نعلم قطعاً وجوب العمل بها، وذلك ما جاء في قوله: "فإن قلت: الفقه من باب الظنون فكيف جعلته علماً؟

قلت المجتهد إذا غلب على ظنه مشاركة صورة لصورة في مناط الحكم قطع بوجوب العمل بما أدى إليه ظنه، فالحكم معلوم قطعاً والظن واقع في طريقه" (١).

وعلى هذا فقد أخرج الأمور المعلومة من الدين بالضرورة من الفقه كالعلم بوجوب الصلاة والصيام، وعلل ذلك بقوله: "إن العلم الضروري حاصل بكونهما من دين محمد - عليه السلام -" (٢).

المذهب الثاني: أن الفقه منه المعلوم ومنه المظنون، وهو مذهب الجويني والآمدي وكثير من الأصوليين (٣).


(١) المحصول ١/ ٩٢.
(٢) نفسه ١/ ٩٣.
(٣) الإِحكام للآمدي ١/ ٦، البرهان في أصول الفقه ١/ ٨٥، شرح الكوكب المنير ١/ ٤٠ - ٤١ وما بعدها، شرح التلويح ١/ ١٢، حاشية السعد على ابن الحاجب ١/ ٢٥ - ٢٦، مجموع الفتاوى الكبرى ١٣/ ١١٣، وقد صرح الجويني أن معظم مسائل الشريعة ظنون، مع إدخال المعلوم في الفقه، وخالفه ابن تيمية في ذلك وستأتي الإشارة إلى هذا.

<<  <   >  >>