إن الأدلة الشرعية تفيد إثبات عصمة الإِجماع من علماء الأمة المجتهدين، والعصمة تقتضي الثبات هذا الحكم المفرد كما اقتضت الثبات لجملة الشريعة كلياتها وجزئياتها كما سبق تقريره (١).
ويفيد الشمول من ناحيتين:
النَّاحية الأولى: وكما سبق أن قلنا أن الثبات هو قاعدة الشمول.
والناحية الثانية: أن هذا الحكم المجمع عليه عبارة عن عمل اجتهادي من علماء الأمة سنده -كما سيأتي- إما النص أو المصلحة الشرعية، وهو نوع من الاجتهاد ينبني عليه إلحاق الوقائع الجديدة بأحكام الشريعة الإِسلامية وذلك بطريق قوي هو الإِجماع.
فالاجماع إذن هو جهد المجتهدين، يبذلونه لكي يكشفوا عن حكم الله، ويستندون على سند معين، ويتحصلون في النهاية على اتفاق يعقدون عليه العزم لتقرير حكم الواقعة التي يُراد معرفة حكمها، فتأخذ حكمها الخاص بحسب مناطها فيشملها حكم الشريعة، ويتحقق الثبات لهذا الحكم ذلك لأنه اجتمع عليه علماء الأمة وهم معصومون شرعًا، والعصمة لهم هي عصمة لاجتهادهم، فالحكم معصوم حينئذ والعصمة تقتضي الثبات، لأن مقتضاه أن هذا الحكم هو الحق والحق ثابت، وهذا معنى تحقق الثبات والشمول في هذا القسم.