للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرع الثالث

ذكر روايتي البخاري عن البراء وأنس - رضي الله عنهما -

روى البخاري بسنده "عن البراء، قال: لما قدم رسول الله - صلي الله عليه وسلم - المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أوسبعة عشر شهرًا، وكان يحب أن يوجه إلى الكعبة، فأنزل الله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها} فوجه نحو الكعبة، وصلى معه رجل العصر ثم خرج فمر على قوم من الأنصار فقال هو يشهد أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه قد وجه إلى الكعبة، فانحرفوا وهم ركوع في صلاة العصر" (١).

فصلاة هؤلاء القوم إلى بيت المقدس ثبتت بعلم استمر تطبيقه والعمل به هذه المدة المذكورة في الحديث، ثم جاءهم من العلم ما أوجب لهم اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين وُجه إلى الكعبة، وهذا مقتضاه أن الأدلة الشرعية تفيد العلم، وهذا قبل نشوء مسلك أهل الأهواء الذين قالوا أن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، ولا يثبت به العلم، قال الإِمام الشافعي: "وأهل قباء أهل سابقة من الأنصار وفقه وقد كانوا على قبلة فرض الله عليهم استقبالها" (٢) ولم يكونوا ليفعلوه إن شاء الله بخبر إلّا عن علم بأن الحجة تثبت بمثله إذا كان من أهل الصدق، ولا لِيُحْدثوا أيضًا مثل هذا العظيم في دينهم إلّا عن علم بأن لهم أحداثه" (٣).

روى البخاري بسنده: "عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: "كنت أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب شرابًا من فضيخ وهو تمر، فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حُرّمت، فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها قال أنس فقمت إلى مهراس لنا فضربتها


(١) الرسالة مسألة ١٤ - ١١.
(٢) الرسالة مسألة رقم ١١١٤.
(٣) المصدر السابق رقم ١١١٦ - ١١١٧.

<<  <   >  >>