للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم لا يتبعون إلّا الظن ليس عندهم علم، ولو كانوا عالمين بأنّه ظن راجح لكانوا قد اتبعوا علماً لم يكونوا ممن لا يتبع إلّا الظن والله أعلم" (١).

والذي يتحصل من هذه المناقشة:

١ - الفقه الإِسلامي أحكامه معروفة لعلماء الأمة، منهم من عرفها على سبيل العلم، ومنهم من عرفها على سبيل الظن الذي علم رجحانه.

٢ - الفقه الإِسلامي يشمل الأمور المعلومة من الدين بالضرورة.

٣ - إنّ المجتهد إمّا أن يتبع الأدلة التي يتحصل له منها اليقين فهو حينئذ متبع للعلم، وما ينتج عن ذلك من الفقه يكون علماً، وإمّا أن يتبع الأدلة التي يتحصل له منها اعتقاد رجحان شيء على شيء فهو حينئذ متبع للاعتقاد الراجح وهو علم بالرجحان لا مجرد اتباع الظن وما يتفق للنفس بدون دليل مرجح، وما ينتج عن ذلك من الفقه يكون علماً أيضاً.

فالفقه الإِسلامي من المعلوم لا من المظنون.

وبعد تقرير هذا المعنى يستحسن التعرف على الأصل العلمي لمصطلح القطعي والظني، لمعرفة صحة ما نسبه المتكلمون لعلمهم "علم الكلام" حيث قالوا عنه إنّه قطعي.

الفرع الخامس

مقارنة بين "علم الكلام" و"علم الفقه"

تبين لنا مما سبق أن الرازي يجعل الفقه من الظنيات ويخص علم الكلام باسم العلم، وهذا بناء على ما شاع بين علماء الكلام ومن تأثر بهم أن "الكلام" من العلم القطعي الذي لا تداخله الظنون لأنه هو الطريق لإِثبات الاعتقاد، ولأن العقيدة لا تداخلها الظنون، بل هي جزم وقطع فإن ما يثبتها (٢) عندهم


(١) مجموع الفتاوى الكبرى ١٣/ ١٢٠.
(٢) والقول بأنه الأداة للتعرف على صفات الله سبحانه، وسيأتي ما يدل على ذلك إن شاء الله.

<<  <   >  >>