للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو "علم الكلام" يتسم بالصفة نفسها، وفي المقابل شاع عن العلوم الأخرى ما يوحي بالتوهين من شأنها ومما نحن فيه علم الفقه.

وأناقش المعنى الذي تضمنه هذا المصطلح من حيث اللغة والشرع وموقف السلف وشهادة الواقع، لنرى مقدار ما يحمل من الصحة أو مقدار ما يحمل من الفساد، وقبل البدء في ذلك نشير إلى أنه مصطلح خاص بالمتكلمين.

قال أبو الخطاب: إن تخصيص لفظ العلم بالقطعيات هو اصطلاح المتكلمين، والتعبير هو باللغة لا بالاصطلاح الخاص (١)، وننظر الآن في دلالة اللغة والشرع وموقف السلف وشهادة الواقع.

١ - دلالة اللغة: تفيد اللغة أن لفظ العلم يتناول اليقين والاعتقاد الراجح .. ويشملها لفظ المعرفة، والعلم ضد الجهل، ومن عرف شيئاً فقد علم به، سواء عن يقين أو اعتقاد راجح فلا يقتصر لفظ العلم على الدلالة على "اليقين" بل يشمله ويشمل مطلق المعرفة فمن ارتفع جهله بشيء فقد علم به، والعلم بعد ذلك درجات سواء علمه يقيناً أو رجحاناً (٢).

٢ - الاصطلاح الشرعي: فقد ورد لفظ "المعرفة" و"العلم" في مواضع كثيرة في القرآن منها:


(١) الاستقامة ١/ ٥٤.
(٢) انظر المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ١/ ٥٠٩ - ٥١٠ ومما جاء فيه قوله "العلم اليقين، يقال عَلِمَ يَعْلَمُ إذا تيقن، وجاء بمعنى المعرفة أيضاً كما جاءت بمعناه ضُمِّنَ كل واحد معنى الآخر لاشتراكهما في كون كل واحد مسبوقاً بالجهل" ٥٠٩، وقد يُضَمَّنُ معنى شعر فتدخل الباء، فيقال عَلِمْتُه وعَلمتُ به وأَعْلمْتهُ الخبرَ وأعْلَمْتُه به، ٥١٠، وفي اللسان "والعِلْمُ نقيض الجهل" ١٢/ ٤١٣ "وعَلمْتُ الشيء أعلَمُه عِلْماً عرفته" ١٢/ ٤١٧، والعلم درجات فالله سبحانه وتعالى يوصف بأنه عالم فهو العليم والعالم والعلّام قال تعالى: {وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} وقال: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} وقال: {عَلَّامُ الْغُيُوبِ} وهذه الصفة تليق بجلاله من غير تكيف ولا تشبيه ولا تعطيل ليست كصفات المخلوقين ويقال للإِنسان عالم، ويوصف بأنه ذو علم، وذلك مع اختلاف درجات العلم وصفته ١٢/ ٤١٦. وعلم الله لا يسبق بالجهل بخلاف علم البشر.

<<  <   >  >>