للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استدل الإِمام الشافعي بهذه الآيات فقال: "إن على كل مكلف أن يتعلم من لغة العرب ما يقيم به دينه" (١).

هذا على المكلف في خاصة نفسه، أما عن الذين يريدون أن يخبروا عن حكم الله ورسوله استنباطًا من النصوص فلابد لهم من العلم بلغة العرب ضرورة أن القرآن نزل بلغتهم ولا يمكن الإخبار عن مراد الله من كلامه بأنه قصد كذا أو كذا إلّا بمعرفة لغة العرب ومقاصدها، يقول الإِمام الشافعي في موضع آخر من كتابه: "الرسالة": مؤكدًا المعنى السابق: " .. فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها، وإن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عامًا ظاهرًا يراد به العام الظاهر، ويستغنى بأول هذا منه عن آخره، وعامًا ظاهرًا يراد به العام ويدخله الخاصِ، فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه وعامًا ظاهرًا يراد به الخاص وظاهرًا يعرف في سياقه أنه يراد به غير ظاهره، فكل هذا موجود علمه في أول الكلام أو وسطه أو آخره.

وتبتدئ الشيء من كلامها يبين أول لفظها فيه عن آخره وتبتدئ الشيء يبين آخر لفظها منه عن أوله.

وتكلم بالشيء تعرفُه بالمعنى دون الِإيضاح باللفظ، كما تعرف الإِشارة، ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها، لانفراد أهل علمها به دون أهل جهالتها.

وتسمي الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة وتسمي بالاسم الواحد المعاني الكثيرة.

وكانت هذه الوجوه التي وصفت اجتماعها في معرفة أهل العلم منها وإن اختلفت أسباب معرفتها معرفة واضحة عندها ومستنكرًا عند غيرها ممن جهل هذا من لسانها وبلسانها نزل الكتاب وجاءت السنة فتكلف القول في علمها


(١) الرسالة ٤٨ - ٤٩. ونقله الشوكاني في إرشاد الفحول عن الماوردي ٢٥٢.

<<  <   >  >>